الإيمان ، ومن ثم هو نور الفرقان وتأييد الرحمان الناتج عن مثلث النور (إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً) (٨ : ٢٩).
ومربع النور ـ هذا ـ يتوحّد فيصبح نورا واحدا يسعى بين الأيدي والأيمان ، فقسم العمل الصالح والإيمان والفرقان سوف يكون على الأيمان ، فإن المؤمن يؤتى كتابه بيمينه ، وقسم الهداية يكون بين الأيدي ، ومنه الهداة الى الله من النبيين والأئمة ، او أنهما يكونان فيهما كما توحي له وحدة النور (١) ، فالنور المربع بالأيمان يعده للحساب الحاضر ، وهو بين الأيدي يبشره بالثواب المستقبل ، فهناك للمؤمن حساب ثم ثواب ، كما للكافر حساب ومن ثم عذاب ، فإنه يؤتى كتابه بشماله او وراء ظهره ، إذ كان يسعى في شماله (شهواته) ووراء ظهره (دنياه) ، طالما سعي المؤمن في يمينه (إيمانه) وبين يديه (آخرته) فإنها إشارات لمختلف المساعي والغايات ، دون الجهات الظاهرية.
وأما الشمال ووراء الظهر فهما لغير المؤمنين إذ يؤتون كتابهم فيهما ، ثم لا إمام لهم أمامهم إلا الأئمة الذين يدعون الى النار.
وهذا النور الساعي بين الأيدي والأيمان ينير لهم سبيلهم الى الجنة ، وهم يستزيدون غير التام من أقسامه ، فالهداية الإلهية تامة لا تحتاج الى الإتمام ، وإنما مثلث النور غير التام يتطلب التمام :
(يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وهذه هي الشفاعة الأخيرة التي قد تشفع بشفاعة الشافعين المأذونين ، بعد شفاعة الوقاية والتوبة النصوح ، وبعد ترك كبائر السيئات والإتيان بكبائر الحسنات ، فيصبح المؤمن نورا خالصا فينضم الى نور الأنوار : محمد وآله الطاهرين الأبرار.
__________________
(١) نور الثقلين عن القمي بإسناده الى صالح بن سهل عن أبي عبد الله (ع) في الآية ، قال : يسعى أئمة المؤمنين يوم القيامة بين أيديهم وبأيمانهم حتى ينزلوا منازلهم في الجنة (٥ : ٣٧٥).