وهذه التوبة من أنجح الوقايات عن النار بعد وقاية التقوى ، تكفر السيئات وتدخل الجنات (وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) إضافة الى سائر المكفّرات المكررات طيّات آياتها.
(... يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) :
هذه المكرمة الإلهية للمؤمنين الواقين أنفسهم وأهليهم نارا ، التائبين توبة نصوحا ، إنها تكون (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ ...) : أن يسوّي بينهم وسواهم ، ويا له من تكريم عظيم أن يضمهم الى نبيه فيجعلهما في صف واحد في المكرمة يوم الخزي ، لأنهم «آمنوا معه» : إيمانهم من إيمانه ، فالمعية الإيمانية توحي بدرجات عالية من إيمان ، مهما كان المؤمنون معه درجات ، فإن الله يضمّ التائبين إليه إذ كانوا من حزبه معه ، مهما قصروا أو قصّروا ، ما كان حياتهم ـ كمبدء ـ إيمانية تائبة آئبة.
(نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) .. «نورهم» الخاص بهم بسعيهم «يسعى» لا ـ نور ـ فنورهم ليس ظاهريا منفصلا عنهم حتى يمكن الاقتباس منه ، وإلا لم يختص بما بين الأيدي والأيمان : نورا ضنينا لا يشمل! (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً ...) (٥٧ : ١٣) فهو النور الذي حصله المؤمن من ورائه : حياته الدنيا ، وهو لزام لأهله لا يعدوه (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) (٢٤ : ٤٠).
إنه برهان ونور إلهي : (.. قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) (٤ : ١٧٤) وهو الإيمان الناتج عن نور البرهان (أَفَمَنْ شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ) (٣٩ : ٢٢) وهو العمل الصالح الذي ينتجه