واتقادا ، وطالما قد تمسّ المؤمنين غير الواقين أنفسهم وأهليهم نارا ثم يرحمون ، لكنها للكافرين الوقود عذاب الخلود :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) :
إنهم لا ينفعهم الاعتذار ، بل : (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) (٧٧ : ٣٦) فممّ يعتذرون؟ هل من أعمالهم النحسة التي أصبحت لزام ذواتهم؟ وليس جزاؤهم إلا أعمالهم! (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) : في صور الأعمال وأصوات الأقوال ، والانحرافات النفسية التي تتجلى لهم فيفضحون ، وفي حقائقها التي تبرز لهم فهم بها يعذبون : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (٥٠ : ٢٢).
هذا ـ ولكنما المؤمن له اعتذار يوم الدنيا بتوبة نصوح ، ويوم الدين بما يكفّر له ، فان كبائر الحسنات والسيئات فعلا وتركا تعذره عن صغائرها :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ...) :
إن التوبة النصوح هي البالغة في النصح ، أن يناصح فيها التائب نفسه ، ويبذل مجهوده في إخلاص الندم ، إزالة لآثار العصيان الغابر ، والعزم على تركه في المستقبل والحاضر ، فان التوبة وهي الرجوع الى الله عن حجاب الذنب ، إنه درجات ، كما ان المعاصي دركات ، فأفضل درجات التوبة هي النصوح : الناصحة للقلب المخلّصة له من رواسب المعاصي وعكارها ، الحاضّة للعمل الصالح بعدها ، العائشة القلب مذكرة مكررة النصح بعدم العود :
(أن يندم العبد على الذنب الذي أصاب فيعتذر الى الله ثم لا يعود اليه كما