وفيما إذا سئلنا : لماذا هذه الكثرة من النساء ، يتزوج بهن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى يقع في أمثال هذه المشاكل فيحتاج الى حل إلهي؟! فالجواب : أن زواجات النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كانت ـ على الأكثر ـ سياسية تقتضيها بيئته الرسالية ، وأنا لا أحاول نفي عنصر الجاذبية والجمال عن حياة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فانها ليست موضع اتهام عليه حتى ندفعه عنه ، لأنه إنسان له شهوة الإنسان ، وله جاذبية الجنس كسائر الإنسان ، إلا أنه يوحى إليه ، قالب بشري يديره قلب وروح الوحي كما يدير سائر الأرواح.
وإنما أقول : إن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يتخطى أمثال هذه الجاذبيات النفسانية والشهوانية المحللة الى الجاذبية الإلهية ، فكان يعيش كبشر ، وكل تصرفاته بمرضات الله ، حتى زواجاته التي كانت كلها بأمر من الله ، وكما في تزويجه بامرأة زيد دعيّه ، لكي ينقض حكما جاهليا يحرم حلائل الأدعياء (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) (٣٣ : ٣٨).
صحيح أنه صلّى الله عليه وآله وسلّم تزوج بقرابة ثلاثة عشر نسوة ، ولكن تعال معي لنرى ظروفه التي كانت تتطلب هذه الزواجات ، ومن هن هؤلاء الأزواج؟.
نرى أن أول أزواجه صلّى الله عليه وآله وسلّم خديجة بنت خويلد (رض) عرفت رجلين قبله وهي فوق الأربعين وهو ابن خمسة وعشرين ، وهذا بخمس عشرة سنة قبل رسالته ، أترى لجمالها وصغرها؟ كلا! إنما لإيمانها وكفاءتها وزمالتها للرسالة المستقبلة التي آمنت بها قبل غيرها! وكانت منها ـ فيمن ولدت ـ فاطمة (ع) قرينة خليفته الأول ، وأم الأئمة النقباء (ع) ... فماتت خديجة قبل الهجرة بثلاث.
فلما ماتت تزوج صلّى الله عليه وآله وسلّم سودة بنت زمعة ، ولم تكن شابة ولا جميلة ، وإنما أرملة للسكران ابن عمرو ، وكان من السابقين الى الإسلام من مهاجري الحبشة ،