فعلى الأئمة والمأمومين التواصي بحق صلاة الجمعة ، فلو تكاسل الإمام عنها ، وجب على المأمومين السعي في دفعه إليها ، ولو تكاسل واجب العدد من المأمومين أو الزائد عليه ، فعلى الإمام السعي في دفعهم إليها ، تعاونا في هذا البر العظيم والتقوى الهامة من المؤمنين أجمع.
وما يزعم دلالته على اشتراط حضور المعصوم بين ضعيف مخالف للكتاب والسنة المتواترة ، التي أنهيت إلى مائتي حديث (١) وبين ما لا يدلّ عليه أبدا (٢) ويعترف الفقهاء غير القائلين بالوجوب التعييني بقطعية دلالة الكتاب والسنة عليه ، وإنما ذهبوا إلى التخيير جمعا بينهما وبين الإجماعات المنقولة ، وهذا غريب من نوعه ، فإنه خروج عن الكتاب والسنة وعن الإجماعات المزعومة (٣).
(إِلى ذِكْرِ اللهِ) : وهل إنه ركعتا الجمعة فحسب؟ لأن الصلاة أفضل الذكر ،
__________________
(١) المولى محمد تقي المجلسي والد صاحب البحار في رسالة الجمعة : «فصار مجموع الأخبار الدالة على الوجوب مائتي حديث ، والذي يدل على الوجوب بصريحه من الصحاح والحسان والموثقات وغيرها أربعون حديثا ، والذي يدل على المشروعية في الجملة تسعون حديثا ، والذي يدل بعمومه على وجوب الجمعة وفضلها عشرون حديثا ، والذي يدل على عدم اشتراط الاذن بظاهره ستة عشر حديثا.
(٢) منها ما يروى عنهم (ع) : (لنا الخمس ولنا الأنفال ولنا الجمعة ولنا صفو المال) وقد جمع فيها ضعف السند والدلالة ، فلو أن (لنا) تختص الجمعة بهم ، فالخمس إذا خاص بهم أيضا ، فهل يلتزم به هؤلاء الناكرون لوجوب الجمعة زمن الغيبة؟. ثم وما يذكر فيه الامام يعنى به إمام الجمعة لا الامام المعصوم ، ففي صحيحة زرارة (قال قلت لأبي جعفر (ع) : على من تجب الجمعة؟ قال : تجب على سبعة نفر من المسلمين ، ولا جمعة لأقل من خمسة أحدهم الامام ، فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم) (الوسائل ج ٣ ص ٨ ح ٤) ، فقد أهمل البعض الذي يؤمهم هنا تدليلا على عدم اشتراط العصمة ، وكما في صحيحة فضل بن عبد الملك قال : سمعت أبا عبد الله (ع) يقول : (إذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة أربع ركعات فإن كان من يخطب لهم جمعوا إذا كانوا خمس نفرات) (المصدر ص ٨ ح ٦).
(٣) كما في الجواهر أن أحدا لا يشك في دلالة الكتاب والسنة القطعية على وجوب الجمعة ، وإنما الذي يحملنا على القول بالتخيير وجود الإجماعات المنقولة على حرمتها زمن الغيبة ، والجمع بينهما يقضي بالتخيير بينها وبين الظهر. أقول : وهذا رفض للكتاب والسنة والإجماعات جميعا ، مع أن معارضة الإجماع ـ ولا سيما المنقول منه ـ لدليل الكتاب والسنة ، هذا أمر غريب!.