دخل زمن الغيبة
فأصبحت الجمعة مشروطة بإقامتها بعد إطلاقها؟! إذا ف «إذا» هذه ليست شرطية ينتفي
جزاؤها بانتفاء فعلها ، إنما وقتية توحي بأن صلاتها يوم الجمعة تفرض عند الأذان ،
ولا صلاة هكذا إلا صلاة الجمعة.
ثم لو كانت هي
إقامتها ، فمجهولية المقيم لها في «نودي» تجهّل وتسفّه المترددين في : من يقيمها؟
فلو كانوا أشخاصا خصوصا لأشير إليهم ، فالفعل المجهول هنا علامة الإطلاق ، وأن
المقيم لا شرط فيه ، اللهم إلا الشرط العام لأئمة الجماعات : (العدالة) إضافة إلى
الخاص بالجمعة : (القدرة على الخطبتين).
أقول : إنما
النداء هنا كما في غيرها من الصلوات اليومية هي : الأذان ، ولا نعرف إسلاميا نداء
للصلوات سواه إلا للعيدين والأموات ، فهو نداء حقا ، ولمكان الحيعلات الثلاث ،
التي تحيّي وتحرّض المسلمين لحضور الصلاة وإقامتها ، وبالضرورة الإسلامية لم يعهد
نداء لصلاة الجمعة غير الأذان ، وضرورة اخرى ان الأذان ليس شرطا لوجوب الصلاة.
ولكي يخفق الكفار
هذا الصوت المدوي العالي من على المآذن ـ كانوا ولا يزالون ـ يتخذونه هزوا ولعبا ،
(وَإِذا نادَيْتُمْ
إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا
يَعْقِلُونَ) (٥ : ٥٨) وقد أطبق
المفسرون على أنها الأذان ، يتخذه الكفار هزوا ولعبا إهانة لها وللصلاة ، ومهانة
في تصميم المسلمين لها.
فآيتا النداء ـ إضافة
إلى إجماع المفسرين والروايات ـ تدلاننا أن ليس النداء هنا إلا الأذان المؤذن لوقت
فريضة الجمعة عند الزوال ، فهل إن الأذان شرط لوجوب السعي إلى صلاة الجمعة لمن
يسمعه؟ أم الشرط هو واقع الأذان ، وإن لم يسمعه ، إذا علم بدخول الوقت؟ أم الشرط
هنا ليس إلا دخول الوقت ، وليس الأذان إلا إيذانا له ، سواء أكان بنية فريضة
الجمعة أو سواها؟ ف «إذا نودي» لا يعني إلا حلول الوقت المعلوم بالأذان غالبا ، إذ
لم تكن الشواخص وقتئذ منصوبة في كل مكان ، ولا أية وسيلة اخرى تؤذنهم بحلول الوقت
إلا الأذان ، والجاهل بالوقت لا يكلف بالفريضة الوقتية ، ولا أظن فقيها يظن أن
واقع الأذان أو سماعه أو نية كونه للجمعة ، شرط لوجوبها ، فلم يقل «إذا نودي