إلا أنه الآن عريكة أبي سفيان ، فاسترخت شكيمته في عداء الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم (١).
ان المفاصلة بين المسلمين والكفار قاطعة شاملة ، ثم بينهم وبين المستسلمين المنافقين قلبية فحسب ، ثم بينهم وبين فرقاءهم في الإيمان مواصلة شاملة دون أية مفاصلة ، والمودة الموعودة تشمل المواصلتين.
ان حرمة الموادة تتركز على المعادين المحاربين ، دون الكفار المسالمين ، فعاشروهم بالمعروف وأقسطوا إليهم علّهم يؤمنون :
(لا يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) :
فهؤلاء ، برهم ، والأقساط إليهم غير محظور ، بل هو محبوب ، وانها من أسس شرعة الحق والعدل ، ان الأصل للمسلم مع من سواه البر والخير والعدل إلا مع المحاربين المعتدين ، دفاعا عن الحق ، وحفاظا على الحقوق.
(إِنَّما يَنْهاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) :
إنها مقاتلة في الدين وتشريد ومظاهرة على إخراجكم في الدين ، هي التي تمنعكم عن موادتهم ، وتفرض عليكم عداءهم ، لا أصل الكفر وكما تشهد له الروايات (٢) ، ولا أية مقاتلة ولا أي إخراج ، فلو قاتلك الكافر على نفسه وماله
__________________
(١) قد أسلمت أم حبيبة من قبل وهاجرت مع زوجها عبد الله بن جحش إلى الحبشة فتنصر وراودها على النصرانية فأبت وصبرت على دينها ومات زوجها فبعث رسول الله (ص) إلى النجاشي فخطبها عليه وساق إليها اربعمائة دينار وبلغ ذلك أباها فقال : ذلك الفحل لا يفدع أنفه.
(٢) الدر المنثور ٦ : ٢٠٥ ـ أخرج الطيالسي وأحمد والبزاز وأبو يعلي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في تاريخه والحاكم وصححه والطبراني وابن مردويه عن عبد الله بن ـ