(عَسَى اللهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) :
تلميح بفتح مكة المكرمة بصيغة الترجي : «عسى الله» : هنا موضع رجاء لكم ، لا ان الله يرجوا ، وإنما يرجي المؤمنين بما كانوا يأملون علهم لتحقيقه يعملون ، وهو بشارة لفتح مكة ، الذي سبب دخول الناس في دين الله أفواجا :
طوعا أو كرها ، ف «عسى» هنا وفي أمثاله حتم من الله ، يكلّل بالرجاء ، ولكي يحيى المؤمنون حياة الرجاء ، ليكونوا دائبي الحراك والسعي لتحقيق الرجاء (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)! عسى الله أن يعوضكم عن أرحامكم المشركين ، بأرحام لكم مؤمنين في مكة ، منهم ، ومن سواهم بقرابة مستقبلة ، فيجعل بينكم مودة (وَاللهُ قَدِيرٌ) على تحقيق هذه الأمنية (وَاللهُ غَفُورٌ) للمشرك إذا آمن (رَحِيمٌ) له ، وللمؤمن ، المتقاربين نسبا أو صهرا.
ولقد وقع هذا الأمل بعد أمد قصير ، ان فتحت مكة ، فأسلمت قريش ، ووقفت مع المهاجرين والأنصار تحت لواء التوحيد ، مهما كان فيهم منافقون.
وهكذا يعالج الإسلام وشائج القرابات ، ولكي يتخطاها إلى وشيجة الإيمان ، خطوات وخطوات ، ولكي يجتمع الجميع في حزب الله ، والاخوة في الله ، في جو عطر رائع لا خبر فيه عما سوى الله (وَاللهُ قَدِيرٌ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)! من مظاهر المودة الموعودة بفتح مكة تزويج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ام حبيبة بنت أبي سفيان حيث أصبحت من أمهات المؤمنين ، رغم ما كان من أبيها من عداء عارم ،