(فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ. وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ. وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ. فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ. تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) :
هل ان الله أقرب الى المحتضر أم أنتم؟ انه (أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ) بل ومنه أيضا : قيوما بحيطة العلم والقدرة (وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ) : لا رؤية البصر : أنتم ولا أي محتضر ، فان هذا القرب ليس من المبصر ، ولا رؤية البصيرة اليقين إلا من المحتضر ، آمن أو كفر ، إذ يجد نفسه بين يدي من هو أقدر منه وأقرب اليه منه ، وأما أنتم الناكرون ، الناظرون الى المحتضر فلا تبصرون لا بالبصيرة ولا بالبصر ، فهلّا تذكرون من المحتضر أنه على نفسه ليس أقدر من الله وسوف يأتي دوركم على سواء.
وإذ ليس الله أقرب اليه منكم ، وأنتم أقرب اليه ، وتحبون حشره ورجعه! (فَلَوْ لا .. تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في نكران الدينونة الحساب؟
(فَلَوْ لا .. تَرْجِعُونَها) الروح (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ) : (إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ. وَقِيلَ مَنْ راقٍ ..) (٧٥ : ٢٦) (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ) الى المحتضر يستغيث بلسان القال أو الحال ، وهو ممن يخصكم ، أو ينفعكم رجعه الى الحياة لتجربوا أنكم أنتم السابقون لو تزعمون (فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ) : غير محمولين على مكروه موتا أو سواه ، أو كنتم غير عباد عاجزين ، أو غير مجزيين بأعمالكم (١) (فَلَوْ لا تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) : في هذه الدعاوي الزور ، وفي عدم دينونة الحساب ، فمن يدين بأنه مدين لا يدعي سبقه على رب العالمين في تقدير الموت ، فلا يفكر ولا يحاول في رجع أيا كان ، ولكن الذي لا يدين بأنه مدين ، لأنه ناكر سبق الله في الحياة والموت وفي تبديل الأمثال بعد الموت ، فليدرأ الموت وكل سوء عن نفسه وعمن يخصه :
__________________
(١) المفردات للراغب ، يذكر هذه المعاني الثلاث للمدين.