(فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٣ : ١٦٨) (فَلَوْ لا تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)؟
فالله هو السابق في الموت وفي الحياة ، في المبدء والمعاد ، وعدله يفرض المعاد الحساب ، والجزاء الوفاق.
أضواء في طيات هذه الآيات :
١ ـ (فَلَوْ لا إِذا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ) : في هذه اللحظة الحاسمة الجاسمة ، إذ تولى الروح وراءها الدنيا وتستقبل الاخرى دون أن تملك من أمرهما شيئا إلا ما قدمت من صالحات وأخرت ، وقد انفصلت عمن حولها وما حولها من مالها ومالها! ٢ ـ بلوغ الروح التراقي والحلقوم دليل قاطع لا مرد له على عدم تجردها عن مادة مّا ، فالمجرد عنها ليس له مكان لا خارج البدن ولا داخله ، فأين الروح المجردة في البدن حتي تبلغ الحلقوم ثم تخرج؟
٣ ـ يبتدء خروج الروح من الرجل إلى الحلقوم ومن ثم تخرج ، وليس كما يزعم انها تخرج من المخرج ، وإلا لم يكن بلوغها الحلقوم حالة للاحتضار.
٤ ـ ان الله أقرب إلى المحتضر ممن سواه ، وأقرب إليه من نفسه (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) (٥٠ : ١٦) واقع معقول وملموس ، وفي حياتنا اليومية ، فهو أقرب إلى الكائن ـ أيا كان ـ من نفسه : كيانا وكونا وقدرة وعلما وعزما وتصميما ف (ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها) (١١ : ٥٦) وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (٨ : ٢٤) فإن كنت أنت أقرب إلى نفسك ، أو غير الله أيا كان فلما ذا تغلبون في مصالحهم ولا تغلبون ، كلا! (وَلكِنْ لا تُبْصِرُونَ) رغم البصائر المتكررة المبصرة لكم فانى تصرفون! ٥ ـ فالرجح كالبدء بيد الله ، يقدر كيف يشاء ويميت ويحيي ثم إليه تقلبون : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ..) (٢٩ : ٤٢).