نزل من رب العالمين كيف يحمله إلى رسله الشياطين؟ أم كيف يمسه إلا من طهرهم رب العالمين ، أو كيف يجوز مسّه من غير المطهرين عن أدناس وأحداث وأخباث؟!
نكات وتنبهات :
(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ) ترى هل من نكران لأحد أنه قرآن ، حتى يقسم أو لا يقسم تلميحا بالقسم (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ) : مقروء!.
علّه لأن الناكر كان ينكر كونه مقروءا له من ربّه ، على سمعه وقلبه ، إذ قالوا (بَلِ افْتَراهُ) : اختلقه من نفسه ، ثم نسبه إلى ربه ، فإنكارا عليه يؤكد (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ) جوابا عن هكذا قيل.
ومن قيل انه قرآن قرأه عليه الشياطين ، قرآن لئيم ، فيرد عليه (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) : (وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطِينُ) (٢٦ : ٢١٠).
ومن قيل (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) ولكن دسّ فيه ومسّ منه الشياطين ، فأصبح محرّفا كما فعلوا بالكتب من قبل ، فيرد بقوله (فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ. لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ. تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ).
ثم على ضوء «كريم» انه كريم كما الله كريم ، لأنه أنعم نعم الله وأدومه.
ومن كرمه عدم هو انه بكثرة التلاوة والمراجعة ، بل هو دائبا غضّ طريّ ، لا تزيد كثرة تلاوته إلا طلاوة وطراوة ، خلاف سائر الكلام أيا كان ، فإنه لا يحلو على التكرار والترداد ، وقد يرجع مرّا إذا استمر ، بخلاف القرآن الكريم : طاهر الأصل ، ظاهر الفضل ، لفظه فصيح ومعناه صحيح «ظاهره أنيق وباطنه عميق ، له تخوم وعلى تخومه تخوم» (١).
__________________
(١) اصول الكافي ج ٢ ص ٥٩٨ عن النبي (ص).