أم هي هي النجوم يوم قيامتها ، الساقطة الواقعة في مواقعها (١) ، المطموسة عن كيانها : (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ) (٧٧ : ٧) ولماذا يقسم بها لنجوم لا تسقط ولا تطمس؟ فيوم القيامة يوم تظهر نجوم القرآن بحقائقها مهما كذبوا بها من قبل :
(بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ) (١٠ : ٣٩)!.
أم هي نجوم من السماء ، هي رجوم لمسترقي السمع بالملإ الأعلى ، آخذة من أهدافها من مواقع الشياطين ، ثاقبة لهم وداحرة (٢) : (لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ. دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ) (٣٧ : ٩)؟
ولماذا يقسم بها لنجوم القرآن وهي أدحر وأثقب للشياطين ، كما هي أهدى وأنور للمؤمنين : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَساراً) (١٧ : ٨٢).
أم هي آيات القرآن ، النازلة نجوما ، بعد أن نزلت ليلة واحدة ، على قلب الرسول الأقدس صلّى الله عليه وآله وسلّم أعلى موقع لنزولها ، ثم تتحول الى مواقع اخرى من قلوب السابقين الى دعوته ، ثم أصحاب اليمين ، ثم الى الناس أجمعين؟ فنجوم القرآن نجوم هداية للجنة والناس ، ورجوم على النسناس (٣).
__________________
(١) من موقع اسم زمان واسم مكان ، زمن وقوعها ومكانه.
(٢) مجمع البيان روي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) أن مواقع النجوم رجومها للشياطين فكان المشركون يقسمون بها فقال سبحانه : «فلا اقسم بها» ، أقول هنا المواقع جمع موقع اسم مكان وكما هو كذلك في الاحتمال الأخير ، ولعله جمع موقع اسم مصدر ولكي يشمل معنى اسم المكان والزمان.
(٣) الدر المنثور ٦ : ١٦١ أخرجه جماعة عن ابن عباس في قوله (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) قال : القرآن (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) قال : القرآن ، وفيه أخرج الفرياني بسند صحيح عن المنهال بن عمرو عنه قال قرء عبد الله بن مسعود (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) قال : بمحكم القرآن فكان ينزل على النبي (ص) نجوما ، وفيه مثله عن مجاهد ، وعن ابن عباس في إخراج آخر في الآية قال : مستقر الكتاب أوله وآخره ، أقول انه فسر الموقع بمعنى المستقر وهو قريب كما قلناه.