الفوضى يوم الحساب ، وعن كل ما لا يليق بعظمة الربوبية الفاضلة العادلة بغير حساب.
وترى هل يختلف «ربك» عن «رب العالمين» أفهناك أرباب متشاكسون؟! كلا! وإنما يوجه الخطاب هنا ـ على أوجه الوجوه ـ إلى أعظم أسماء الربوبية العينية : الرسول الأقدس محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فباستطاعته أن يسبح ربه باسمه العظيم ، وهو أيضا من اسمه العظيم ، وهو أعرف من سواه باسم ربه العظيم : رب عظيم واسم عظيم ، يسبح به رسول عظيم ، ولكي يكمل التسبيح فيقتدي به من سواه من العالمين.
(فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ. وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ. إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) :
تحدثنا عن اللاقسم في مواضعها ، وانه حقا نفي للقسم لا قسم ، إيحاء بالاستغناء عنه لما له يقسم. وإن كان القسم عظيما فإن المقسم له أعظم وأغنى ، فكرم القرآن وسعته ، الزاهر المتظاهر اللامع ، أظهر من مواقع النجوم وألمع ، لمن كان له بصر ، فما هي هذه النجوم بمواقعها ، التي يستعظم الله أن يقسم بها ، وإن كان لما هو أعظم منها؟.
ترى انها نجوم السماء : الكواكب الطالعة فيها ، الآخذة مواقعها ، رصدا للراصدين ، وهداية للمهتدين (١) : (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ) (٦ : ٩٧)؟ ونجوم القرآن أهدى ، وهدايتها أعمّ وأبقى! فلما ذا يقسم بها كمثال لإثبات كرم القرآن وسعته في هداه ، وزهرته وعلاه؟.
__________________
(١) اصول الكافي بإسناد القمي عن مسعدة بن صدقة قال قال أبو عبد الله (ع) في قول الله عز وجل : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) قال : كان أهل الجاهلية يحلفون بها فقال الله عز وجل : (فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) قال : عظم أمر من يحلف بها.
أقول : يشهد على ما في المتن إذ كان المقصود كل النجوم ، والحديثان كما ترى صريحان انه نفي للقسم ، خلافا لمن يحاول تحويله الى القسم تحميلا لا يتحمله القرآن.