(وَأَصْلِحْ لِي فِي
ذُرِّيَّتِي) : ان يكونوا لي كما كنت لوالدي اضافة إلى سائر الصلاح ،
كجزاء متتابع لكل ولد بما فعل من الإحسان بوالديه ، أن يحسن به ولده كما أحسن هو
بوالديه .. أصلح لي في ذريتي كما أصلحت لوالدي فيّ ، إصلاحا عدلا متتابعا جماعيا
يتبنى إصلاح المجتمع على قواعده الأصيلة «الوالدان والأولاد».
وإنما (فِي ذُرِّيَّتِي) لا (ذُرِّيَّتِي) ككل ، حيث الإصلاح (في) يعني البعض وهو الممكن المعقول ،
وأما الكل فلا ، كيف وهو يشمل كافة الأنسال الناسلة منه بينه وبين القيامة وهذا
مما لا يكون ، ومن أدب الدعاء رعاية الإمكان عقليا وواقعيا ، فلا نجد أحدا من
النبيين يدعو : (وَأَصْلِحْ لِي فِي
ذُرِّيَّتِي) إذ الظالمون لا يأهلون الصلاح ، وكما عن إبراهيم (قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ
عَهْدِي الظَّالِمِينَ)! ولا يصلح الله تعالى إلا من يستصلح ، دون فوضى وبلا شروط.
وهذه سنة إلهية أن
يجازي الأولاد بما فعلوا بالوالدين وبالعكس في الأولى قبل الأخرى ، إن خيرا فخيرا
وإن شرا فشرا : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ
لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا
اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (٤ : ٩).
ولماذا هذه
الطائلة في الدعاء ، الشاملة له ولأبويه وذريته؟ إصلاحا لهم جميعا ، بما يوزعه
الله أن يعمل صالحا يرضاه؟ :
لأنه تاب وأسلم : (إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ
الْمُسْلِمِينَ) : توبة إلى الله ثم إسلام لله ، فلا إسلام قبل التوبة ،
كما لا استجابة لدعاء قبل الإسلام والتوبة ، وترى انه الإسلام القولي : أن يشهد
الشهادتين؟ وهو أدنى الإسلام الذي لا يضره عدم التوبة بل ولا الكفر في الباطن كما
المنافقون بهذا المعنى مسلمون!.