الوحيد لهم في كافة الموازين والحسابات.
إنه ليست الاستقامة في الله بعد قولهم (رَبُّنَا اللهُ) دونما فصل أو شرط ، فهنا الإيمان الراسخ في الوسط ، تثبت فيه هذه المقالة المؤمنة وترسخ ، ومن ثم الاستقامة في نفس الإيمان ، ثم تتحول إلى الاستقامة في الله بكافة زوايا الحياة ، كما وتوحي لهذه الوسائط «ثم» فإنها للتراخي.
(ثُمَّ اسْتَقامُوا) تطلّبوا القوام على (رَبُّنَا اللهُ) حتى وكأنهم أصبحوا بذواتهم وصفاتهم وأفعالهم وحالاتهم (رَبُّنَا اللهُ) ف «ثم» بعد قولة الحق هذه ، تضرب في أعماق الحياة كل الحياة ، غورا بعيدا وسفرا غريبا يحمل معه فيه (رَبُّنَا اللهُ) يجعله زاده في ووعثاء السفر ، فليست الاستقامة امرا واحدا تتفرع على قولتها كدلالة اللفظ على معناه ، وإنما درجاتها المتتابعة التي تحصل تلو بعض ، وينتج بعضها البعض اعداد البعض للبعض ، فاستعداد الآخر لما يتلوه ، اعدادات واستعدادات في محاولات دائبة قلبا وقالبا ، ظاهرا وباطنا ، فردا ومجتمعا ، وفي كافة معارك الحياة المتنازعة ، فلا يتغير لونه عن (رَبُّنَا اللهُ) ولا كونه عن (رَبُّنَا اللهُ) وإنما يغير غيره إلى (رَبُّنَا اللهُ) فليست هي إذا لفظة تلفظها الشفاه ، ولا عقيدة سلبية بعيدة عن واقعيات الحياة وبيناتها.
ثم الزاد الوحيد في الاستقامة على الطريقة المثلى ليستقوا ماء غدقا ، إنما هو ذكر الله : القرآن الكريم : (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ. لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ) (٨١ : ٢٨) استقامة إلى الله : (أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ ..) (٤١ : ٦) لاستقامة الحياة مع الله ، وفي الدعوة إليه : (فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) (٤٢ : ١٥).
فالقائلون ربنا الله ، المؤمنون بالله ، المستقيمون لله وإلى الله ، هم الصفوة المختارة بين عباد الله ، كالجبال الراسخة : لا تحركهم العاصفة ، ولا تزيلهم القاصفة ،