يفرق فيها كل أمر حكيم بنازل الملائكة والروح في منزل قلب الإمام في كل عصر ، فكان هو الرسول في اثنين وعشرين سنة ، حيث الأولى جمع إليه إنزال القرآن ، ثم من بعده المعصومون من عترته.
(... إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) طول كتابات الوحي والرسالات الإلهية ، طالما الإنذار بالقرآن هو أمّ الإنذار ، كما وأن رسالته هي أمّ الرسالات.
وعلّ (كُنَّا مُنْذِرِينَ) تعني فيما تعني سابق الإنذارات الإلهية في كتابات الوحي بنزول القرآن ، بطيّات البشارات ، وقد أوردناها في «رسول الإسلام في الكتب السماوية».
وإنها حقا ليلة مباركة منقطعة النظير عن كل نذير ولهذا البشير النذير ، إذ فتح فيها ذلك الفتح المبين للعالمين ، بادئا فيها استقرار خاتمة المناهج الإلهية على المكلفين من الجنة والناس أجمعين ، يعيشون الكتاب المبين ويحيون به في كل حين.
ثم لا تقف هذه الليلة لمرة واحدة ذات قدر ومباركة ، ثم القدر في كل سنة ليس ذكرى لما مضى ، بل وتتكرر في كل سنة :
(فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) وقد فرق القرآن المحكم في أولاها عن أم الكتاب (لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) فرقا من تلك الحكمة العليا ، ثم فرق فرقا آخر هو تفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين ـ : (كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) (١١ : ١) فرق التفصيل الأخير طول البعثة.
ومن ثم يستمر فرق كل أمر حكيم سوى أم الكتاب على مرّ الزمن منذ القدر الاوّل ، والفرق هو التبيين لكل أمر غير مبين في هذه الليلة ، حتى يصبح كفرق الصبح في بيانه ، او مفرق الطريق في اتضاحه ، ومنه فرق