الأصوات والصور ، شاشات من صنع الله تبرز كل ما حصل منها في حياة التكليف : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ ..). فليست الأعضاء لتنطق كلها قولا ، وإنما كما يناسبها من عينية الشهادات ، تلقي ما تلقّت دونما زيادة أو نقيصة ، اللهم إلّا قولها : (أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ..) فإنه خارقة أخرى تنطق بالأولى ولكي يعرف المجرمون ما جهلوه من خافية الأعضاء والأشياء (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها. بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) ف «أنطقنا» تلقّ ثان إجابة عن «لم شهدتم» إفصاحا عن تلقّ أوّل (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها)!
وإذا كانت شهاداتهم كلها نطقا لفظيا فما هي بشهادات ، وإنما كلمات خلقت فيها ، ليست حجة على أصحابها فقد ينكرونها ، ولكنما الشهادات العينية ليست لترد على شاهديها فلا تكذب ردا عليها كما نرى (لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا) دون : ان شهادتكم كاذبة علينا.
إنهم يلمسون واقع الشهادة وصدقها ، ويحتارون كيف الأعضاء تشهد على أصحابها.
إذا ف «أنطقنا» تنظير لشهادتها بشهادة كل شيء خارقة تلو خارقة ، ولا تملك الجلود أن تتمنّع عن هذه الشهادة ، فإن الله هو الذي أنطقها وأنطق كلّ شيء.
٢ ـ (وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) وهذه ثاني مرة ، خلقكم بهذه الأعضاء المسجّلة للأصوات ، الشاشة للصور وأنتم جاهلون ـ :
٣ ـ (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ولا بد للمخلوق اوّل مرة الراجع إلى خالقه ثاني مرة ، أن تبرز شهداءه يوم الحساب الرجعة ، شهداء من نفسه بعد سائر
__________________
ـ الله ألسنتهم فيقولون (لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا .. وَلا جُلُودُكُمْ) الجلود الفروج.