أم (إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) للوالد دون ما ولد؟ حيث التسوية بين والد وما ولد ظالمة متهتكة؟ وهو يناسب «لو» ولا تناسبه أولية العبادة ولا أصلها حيث الرحمان الوالد لا يعبد!
أو (إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ) دون ولادة ذاتية ، وإنما تكريما لشرف العبودية القمة كما المسيح وعزير والملائكة ـ زعم المتبنّين لله ـ كانوا أعبد من عبد الرحمان فاتخذهم ولدا (فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) في رتبة العبودية (١) وكما أنني أوّل في درجات العصمة والولاية والرسالة بين العالمين ، إذا فأنا أوّل من يتخذ ولدا لهذه الكرامة العليا؟ ولم يوح اليّ ولا لمحة من هذه الولادة ، ولم أدّع ولن لمحة منها ، فلا ولادة هكذا لمن دوني في كرامة العبودية وكما : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ. لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ. يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ. وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) (٢١ : ٢٩).
وفي هذا الوجه الوجيه ليست الجملة شرطية كاملة ، جزاءها (فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) بل هي وصلية ، فإنما (أَوَّلُ الْعابِدِينَ) يهدم صرح هذه الولادة التكريمية لمن ادعيت له ، و «إن» الوصلية هنا دون «لو» الشرطية مسايرة في الحوار التي تأتي لهم بكل بوار وخسار! وهذا هو المعنى الأصل ، ثم الولادة الذاتية عن الرحمن ، كذلك هي منفية حيث (فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ) للرحمان العارفين وحيه ، ولا أعرف له وحيا يسانده ، فإنما يعانده ، فليس إذا للرحمن ولد.
__________________
(١) فهذه الاولية ليست زمنية ولا عددية وانما عددية رتبية حتى تصلح هدما لصرح «إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ»!