الذي يريح فلا يحسوا بعد عذابا ، أم قضاء الخروج دون مكوث أمّاذا غير المكوث ، ولماذا لا يطلبون الرب دون وسيط ، إذ (قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) (٢٣ : ١٠٨) (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) (٨٣ : ١٥)! و «مالك» ليس إلّا هنا وفي (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) وهو هنا مالك النار بما ملّكه الله كما يراه ، فلا يملك لأهل النار أو عليهم حكما إلّا من الله ، لذلك يتطلبون قضاءهم منه من ربه ، وفي «ربك» هنا تلميحة بهذه الأصالة في ربوبية النار ، وأخرى أنهم يرونهم منقطعين عن الرب و (نادَوْا ... رَبُّكَ) وثالثة كأنهم يحاكون ما كانوا عليه يوم الدنيا من نكران ربوبيته العامة أم أصلها ، فجاء الجواب الحاسم دون تأخير (إِنَّكُمْ ماكِثُونَ) فلا خروج عن النار ، فإنهم الذين لا يخرجون عن النار مهما فنوا بفناء النار! (١) وقد يعني المكوث هنا الخلود آبدا وغير آبد ، فالإبلاس ايضا إياس عن تفتّر العذاب وعن الخروج قبل أمده أو مطلق الخروج ، وليناسبه قوله تعالى :
(لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) (٧٨)
فالأكثرية الكارهة للحق من أهل النار هم الآبدون دون خروج ، والأقلية غير الكارهة ، بل المضلّلة تقصيرا في تحري الحق ، دون كراهة للحق فيرفضوه كراهية ، ولا محبة له فيتحروا عنه حبا ، هذه القلة كافرة وفاسقة تخلّد في النار دون أبد ، فإنهم كانوا على هوامش الضلالة ، لا اصلاء ولا دعاة إليها إلا جهلا دون كراهية وعناد للحق! :
وهذه قضية عدله سبحانه ألّا يسوي بين أهل النار كما لا يسوي بين
__________________
(١) فمن اهل النار من يخرج قبل فناء النار وهم غير المؤبدين من اهل النار ، وهنا المعنيون بالمجرمين هم المؤبدون لا كل اهل النار.