أهل الجنة ، فلكلّ ما أحسن قدره ، وعلى كلّ ما أساء قدره ولا يظلمون فتيلا! : ولا نجد أكثرية كارهة للحق يوم الدنيا : وإن كان (أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ) (٢١ : ٢٤) اللهم الأكثرية خاصة (أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) (٢٣ : ٧٠) فالأكثرية الكارهة للحق هنا هي من بين من (يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ) لا كل الناس ولا كل الكافرين ، فطالما الأكثرية من الناس غير شاكرة ، فهي جاهلة فاسقة كافرة لا تؤمن وهي مضلّلة عن سبيل الله أم ايّة دناءة وانجراف ، ولكنما القليل منها كارهة للحق (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) فهم مضللون والكثير منهم يجهلون فيضللون (أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ) إعراضهم عن الباطل إذ تصوّر لهم الحق بصورة الباطل!
وقد يعني «كم» في «أكثركم» عامة المكلفين ، فأكثرهم متخلفون عن فطرة التوحيد ، فهم له ولسائر الحق كارهون؟ إلّا أن «كم» هنا يخص المنادين مالكا في الجحيم ، والأكثرية ليسوا للحق كارهين ، بل هم الضالون ، وقليل منهم مستكبرون وهم للحق كارهون ، وكثير مستضعفون ضالون بإضلالهم.
وهل إن «جئناكم» من كلام «مالك»؟ ولم يكن من الرسل ، ولا وسيطا في وحي الرسل! أم من الله؟ وهم (عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) (٨٣ : ١٥)! اللهم إلا في خطاب تبكيت! أو أن مالكا ينقله ك (إِنَّكُمْ ماكِثُونَ) عن الله؟ أم ليس «جئناكم» إطلاقا من الله ، فإنه مصدر الحق لا الجائي به (١) و «جئناكم» يتطلب مجيئا منه وهو الله وجائيا به
__________________
(١) لا تجد المجيء بالحق في القرآن كله الّا في رسل الله ، الذين يجيئون بالحق من عند الله.