أصل الجرم قطع الثمرة عن الشجرة ، والمجرم هو ذو جرم : أن سنته في الحياة هي قطع ثمرة الحياة وبترها ، فلا تفيد يوم الأخرى ، ولا الدنيا إلا قضاء شهوات ، هم : (فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ) : ماكثون طويلا قدر إجرامهم (لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ) ما يستحقونه (وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) : آيسون هنا ساكتون عن الخروج وتفتّر العذاب ، فإنهم من الآبدين : أبد النار ، وهل ينقضي منهم عمر؟ أو «لا ينقضي منهم عمر أبدا» (١) قضية العدل والرحمة الإلهية والجزاء الوفاق لأخلد الخالدين وهم الآبدون أن يفنوا بفناء النار ، وعدم الفناء فيما يروى يعني مع بقاء النار حيث الأدلة القاطعة تدلنا على فنار النار بمن في النار!
(وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ)(٧٦) حيث خلّدوا في جهنم بما ظلموا ، وأما إذا ظلّوا فيها إلى غير نهاية ، وهم بأجرامهم لهم نهاية ، فإنه ظلم بجزاء غير وفاق ، فنفي الظلم هنا في خلود النار وإبلاسهم في النار دليل لا مرد له على فناء النار ففناء من في النار.
(وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ)(٧٧) : صيحة متناوحة من مكان سحيق ، لا طلبا للبراءة فهم عارفون ألّا براءة لهم ، ولا تخفيفا فإنهم مبلسون ، وإنما يصيحون مستغيثين في طلب الهلاك السريع
__________________
(١) نور الثقلين ٤ : ١٤ ح ٨٩ القمي عن امير المؤمنين (عليه السلام) «واما اهل النار فخلدهم في النار وأوثق منهم الاقدام وغل منهم الايدي الى الأعناق والبس أجسادهم سرابيل القطران وقطعت لهم منها مقطعات من النار هم في عذاب قد اشتد حره ونار قد اطبق على أهلها ما يفتح عنهم ابدا ولا يدخل عليهم ريح ابدا ولا ينقضي منهم عمر ابدا العذاب ابدا شديد والعقاب ابدا جديد لا الدار زائلة فتفنى ولا آجال القوم تقضى» أقول : عدم زوال الدار هنا يعني قبل زوال الاعمار ، وعدم انقضاء الآجال يعني قبل فناء النار.