(وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧) وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (٥٨) إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَ (١) جَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ) (٥٩) ترى من هنا ضارب المثل وما هو هذا المثل الذي فاجأ صدا من هؤلاء ضجّا وضحكا؟! (٢) ثم احتجوا بما احتجوا جدلا وخصومة ، فجاءت الإجابة (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ.).؟
هل هو المثل المضروب بابن مريم في سورة مريم (عليها السلام) فإنها المكية الوحيدة التي أتت بذكر عيسى بن مريم ، حيث يذكر مع جموع من النبيين من ذرية آدم ، وتختم قصته معهم بأنه عبد أنعم عليه كما هم : (أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا ..) (٥٨) ثم وفيها رد على الذين تبنّوا المسيح لله (ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ .. وَإِنَّ
__________________
ـ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) وكل هذا وشبهه على ما ذكرت لك وهكذا الرضا والغضب وغيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك ولو كان يصل الى المكوّن الأسف والضجر وهو الذي أحدثهما وانشأهما لجاز لقائل ان يقول : ان المكون يبيد يوما ، لأنه إذا دخله الضجر والغضب دخله التغيير ، فإذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الإبادة ولو كان ذلك كذلك لم يعرف المكوّن من المكوّن ولا القادر من المقدور ولا الخالق من المخلوقين تعالى الله عن هذا القول علوا كبيرا هو الخالق للأشياء لا لحاجة فإذا كان لا لحاجة استحال الحد والكيف فيه فافهم ذلك إنشاء الله.
ورواه مثله في اصول الكافي باسناده عن حمزة بن بزيغ عنه (عليه السلام) : .. أقول : بداية الحديث لتوجيه العوام حيث «نا» في «آسفونا» هو الله وليس أوليائه الا بضرب من التأويل أنّ أسفهم أسف الله ، وذيل الحديث لتوجيه الخواص ان أسفه يجرّد عن تغير الحال الى عذابه الناتج عن الأسف.
(١). الصدّ بالكسر هو الضج الصريخ والضحك وقد يروى كذلك عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) «الصدود في العربية الضّحك ، معاني الاخبار للصدوق بسند متصل عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي الدر المنثور ٦ : ٣٠ ـ اخرج ابن مردويه ـ