اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ)(٣٦).
فهنالك (قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) : ضجة وضحكة ، فضجة وإنكارا لما ضرب أنه عبد وليس إلها ولا ابنه فلا يعبد ، وإنما هو حسب النصارى وهم أهل كتاب ، إله أو ابن إله. يعبد ، ومن ثم ضحكا : كيف أنت تصدنا عما نعبد من ملائكة وهم آلهتنا (١) وهؤلاء الكتابيون : يعبدون بشرا (أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ) طبعا آلهتنا الملائكة! فأنت تصدّنا ونحن منك نصّد! (ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً) فالقرآن يضرب ابن مريم مثلا للتوحيد ، وهم يحولونه إلى مزعمة النصارى مثلا للشرك ، فمثل الحق يحوّل إلى مثل الباطل ، ضجة في تحويله وضحكة من تحوّله : (أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ)! وطبعا آلهتهم ـ في زعمهم ـ خير من ابن مريم في زعم النصارى.
وهذا تبرير كتابي في جدلهم الخصوم أن يعبدوا آلهتهم الملائكة من دون الله! فيأتي الجواب كما لمح له في مريم (إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ.)!
أم إن ضارب المثل هو من هؤلاء لما نزل (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) قال قائلهم للرسول (صلى الله عليه وآله): خاصة لنا ولآلهتنا أم لجميع الأمم؟ فقال (صلى الله عليه وآله) : بل لجميع الأمم! فقال خصمتك ورب الكعبة ألست تزعم أن عيسى بن مريم نبي وتثني عليه خيرا وعلى أمه وقد علمت أن النصارى يعبدونهما واليهود يعبدون عزيرا والملائكة يعبدون فإذا كان هؤلاء في النار فقد رضينا نحن وآلهتنا أن نكون معهم ، فسكت النبي (صلى الله عليه وآله) وفرح القوم وضحكوا وضجوا فأنزل الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها
__________________
(١). الدليل على ان هؤلاء القوم كانوا عبدة الملائكة هنا قوله فيما بعد «وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً» وفيما سبق» «وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ (١٩) : وَقالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ» (٢٠).