(فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥) فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ)(٥٦).
وهذه سنة الله بالنسبة للمستخفين الفاسقين العائشين على هوامش الفرعنات ، يستدرجهم مليّا يملي ، ثم يأخذهم بغتة وكما يروى عن النبي (صلى الله عليه وآله) على ضوء هذه الآية : (إذا رأيت الله يعطي العبد ما شاء وهو مقيم على معاصيه فإنما ذلك استدراج منه له ثم تلا هذه الآية) (١).
وترى كيف بإمكان العبد أن يؤسف ربه ، وربّنا لا يأسف مهما توفرت عوامل الأسف؟ لا يعني «آسفونا» هنا إلّا أنهم عملوا الأعمال المؤسفة وهو سبب الانتقام ، وأمثال هذه الأفعال تجرّد عما لا يليق بساحة الربوبية كما الغضب وأضرابه من تغير الحال حيث (لا يتغير بانغيار المخلوقين)! فهو تعالى (لا يأسف كأسفنا) (٢)(فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً) ماضيا فيه عبرة «ومثلا» نموذجا من عواقب الفسوق «للآخرين» كمن أتوا ويأتون بعدهم من الفاسقين ، وهم أمثال في رزاياهم وقضاياهم كما قومك من هؤلاء الآخرين.
__________________
(١). الدر المنثور ٦ : ١٩ ـ اخرج احمد والطبراني والبيهقي في الشعب وابن أبي حاتم عن عقبة بن عامر ان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال ..
(٢) نور الثقلين ٤ : ٦٠٨ في كتاب التوحيد باسناده الى احمد بن أبي عبد الله رفعه الى أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل (فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ) قال : ان الله تبارك وتعالى لا يأسف كأسفنا ولكنه خلق اولياء لنفسه يأسفون ويرضون وهم مخلوقون مدبّرون فجعل رضاهم لنفسه رضى وسخطهم لنفسه سخطا وذلك لأنه جعلهم الدعاة اليه والأدلاء عليه فلذلك صاروا كذلك ، وليس ان ذلك يصل الى الله كما يصل الى خلقه ولكن هذا معنى من قال من ذلك وقد قال ايضا : من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها ، وقال ايضا : من يطع الرسول فقد أطاع الله ، وقال ايضا (إِنَّ ـ