(أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً) : حملة على الرسل والرسالات ، وحملة على الأفراد والجماعات ، هؤلاء الأشداء أهلكوا بالطاغية.
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ)(٩)
هنالك خطوات ثلاث إلى الله ، أولاها أن هناك مخلوقا أو ان العالم كلّه مخلوق ، وثانيتها أن الخالق عزيز عليم ، وثالثتها انه هو الله.
الخطوة الأولى بيّنة مبرهنة نعيشها ليل نهار ، ولا أقل من أنفسنا حيث نخلق تلو بعض ومع بعض ، فلا ناكر أن هناك مخلوقا بين المختلفين في الله من ماديين ومشركين أم من ذا؟.
فهنا يأتي دور الخطوة الثانية «من خلق»؟ (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ. أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ) (٥٢ : ٣٦) فالخالق لهم ولما سواهم غيرهم ، فهل يعلم الخالق أم يجهل؟ (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (٦٧ : ١٤) فاللطافة الدقة والخبرة الحكمة باهرتان في الخلق كله :
(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ) فالعزة : القدرة الغالبة ، والعلم المطلق : اللطافة والخبرة ، نلمسها كلها في هذا الخلق العظيم (فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ. ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ) (٦٧ : ٤).
فلو أن الحكمة والإتقان في هذا الصنع البارع البديع دليل الجهل والعجز ، أم لا يدل على علم وقدرة ، فما هي آثار العلم والقدرة أم ليست لهما آثار؟.
إن القدرة الغالبة غير المغلوبة والعلم النافذ هما لزام هذا الخلق العظيم؟ فلو لا العزة لم تكن قدرة لخلق فضلا عن هذا الخلق القويم ،