فكما الله علي لا ينال في علوه ، وحكيم لا يغتال ، كذلك قرآنه المبين ، فعلوه وحكمته لزام له لا يزول ، وإن كان كلّ درجات في مثلثة الحالات «لدى الله» «لدى رسول الله» «لدى خلق الله» ولكنما الأمر الثابت أنه عليّ يعلو كل عال ، حكيم لا يتطرق إليه أي إدغال ، ولا ينفذ إليه غيره في أي مجال على أية حال!.
القرآن هنا «علي» والله تعالى «علي» في آيات سبع ، وأين علي من علي! ، حيث القرآن قبس من أم الكتاب لدى الله (لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ).
ثم القرآن هنا «حكيم» وفي آيات عدة : (ذلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الْآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ) (٣ : ٥٨)(١) والله حكيم في (٩٣) آية ، وأين حكيم من حكيم!
ولا يعني «علي» هنا عليا (عليه السلام) حيث الضمير في «إنه» راجع إلى (الْكِتابِ الْمُبِينِ) فالكتاب المبين في أم الكتاب لدى الله علي حكيم ، وإذا أوّلته إلى ضمير شأن ـ حيث يتطلب مبتدء وخبرا ـ لا تجد إلا خبرا موصوفا (لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) بلا مبتدء! حيث المبتدء لا يبتدء بلام التأكيد ، ولا يعني رواية «على حكيم» إلا تطرفا جاهلا بعيدا عن أدب اللفظ والمعنى (٢) اللهم إلا تأويلا يعني النسخة الثانية من الحكمة المحمدية تمثلا في الإمام علي (عليه السلام) وتداوما في الأئمة من أهل بيته
__________________
(١). كما في (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ) (١٠ : ١) (٣١ : ٢) (يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ) (٣٦ : ٢).
(٢) نور الثقلين ٤ : ٥٩٢ في كتاب معاني الاخبار باسناده متصل عن حماد بن عيسى عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) قال : هو امير المؤمنين ومعرفته والدليل على انه امير المؤمنين قوله عز وجل : (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) وهو امير المؤمنين (عليه السلام) في ام الكتاب في قوله (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)؟!.