رموز القرآن ومفاتيح غيبه الخاص بمن أوحي إليه وأهليه وتأويله ، إذا فالقرآن المفصل هو هو الأم الثاني برموزه المنحصرة بالرسول المنحسرة عمن سوى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثم المبين الثالث : هذا القرآن ليس إلا آيات الكتاب المبين : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) (١٢ : ١) (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ) (١٥ : ١) (طس تِلْكَ آياتُ الْقُرْآنِ وَكِتابٍ مُبِينٍ) (٢٧ : ١).
فهذا الكتاب القرآن والقرآن الكتاب ليس إلا آيات للكتاب ، والقرآن الأم ، النازل في ليلة القدر ، لا يزيد عليه ولا ينقص عنه ، إلا بيان ما يختص بالرسول من حروفه الرمزية وتأويله ، ثم هما : الأم الثاني بولدها ، ليسا هما الكتاب المبين الأول بتمامه ، حيث يجري علم الغيب كله دون عزوب أو غروب.
(وَالْكِتابِ الْمُبِينِ. إِنَّا جَعَلْناهُ ..) دليل أن القرآن المحكم والمفصل واحد لا يختلفان إلا في الإحكام والتفصيل : (كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ) (١١ : ١).
ثم (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) دليل أن أم الكتاب الأولى ظرف للثانية بولدها ، فهي تحويهما وتحيط بهما ، دون تساو ، وإنما أنزل منه ونزّل ما يحتاجه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والعالمون أجمعون إلى يوم الدين ، فهو من العلم الرباني وليس العلم كله ، فهو من الغيب وليس الغيب كله.
والكتاب المبين الأوّل هو أولا مبين لرب العالمين لا عن جهل ، ومبين للنبي والعالمين على حدّهم ، ومبين كل شيء علما واقعا.
والمبين الثاني يخص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث لا سبيل لمن سواه إلى ما أوحي إليه ليلة القدر إلا ما بينه أو بينه القرآن المبين.