الوحي دون أن يوحى إليه أم كان متعبدا بالشرعة المحكّمة زمنه : شريعة الناموس التوراة حسب الإنجيل؟ بيد التدليل ـ وحيا أم ماذا ـ على مواضع التحريف والتجديف ـ ٣ ـ؟ أم دون تدليل ـ ٤ ـ؟ أم كان على شرعة إبراهيم : (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ) ـ ٥ ـ (٣ : ٦٨) رغم أنها نسخت بشرعة التوراة والإنجيل؟ فضلا عن شريعة نوح؟ أم لم يكن على أية شرعة وإنما على الفطرة الطاهرة التي فطره الله عليها ـ ٦ ـ ام كان ضالا عن كل هذه الشرائع ـ ٧ ـ : (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) (٩٣ : ٧).
من المؤكد قرآنيا وفي السنة أن الله اصطفاه بين العالمين على العالمين أجمعين ، وفيهم ـ طول الأربعين ـ عباد الله المخلصون من اهل الكتاب الموحدين ، واصطفائه عليهم يتطلب ـ ولأقل تقدير ـ أنه كان مؤمنا كما هم ، وعاملا بالشرعة المحكمة زمنه كما هم ، ولكنما الاصطفاء يقتضي أنه كان بينهم اوّل المؤمنين والعابدين ، إضافة إلى تحضير رباني وتسديد دائب طول الأربعين ولكي يصلح للرسالة على العالمين أجمعين ، هذه الرسالة السامية القمة التي تربوا الرسالات كلها ربوة تطمّها وتتممها ، أفلا يقتضي ذلك لمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) نبوءة قبل رسالته ، أم استرشادا بأعظم ملك من ملائكة الوحي يسلك به سبيل المكارم ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره ، وإن لم يكن بوحي ، أم لا أقل من اتباعه شرعة التوراة الأصيلة على ضوء الإنجيل الأصيل ، تدليلا بوحي ام سواه في موارد التحريف أم ماذا.
ومهما يكن من شيء فهو كان أفضل المؤمنين العابدين على الإطلاق وإن كان «ما كان يدري ما الكتاب ولا الإيمان» قرآنيا قبل نزوله ونزوح روح القدس عليه.