وترى هؤلاء الذين خسروا أنفسهم إذ هم ظلموا فما بال أهليهم إذ يخسرونهم؟ .. أهلوهم هنا هم المخسرون وليسوا معهم خاسرين ، فإن كان أهلوهم أمثالهم حيث اتبعوهم فقد خسروهم مع أنفسهم فهما معا في الجحيم ، فهم إذا خاسرون أهليهم كما خسروا أنفسهم ، سواء أكانوا معهم أم مفترقين.
ثم القول الفصل الأخير من رب العالمين يصدق مقالة الرسول والمؤمنين : (أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ) يقيم معهم إذ يقيمهم فيه ، لا حول لهم عنه وهم فيما قدمت أيديهم خالدون.
أو أنه ايضا من مقالة المؤمنين خبرا ل (إِنَّ الْخاسِرِينَ) و (الَّذِينَ خَسِرُوا.) وصفهم ، لا خبرا عنهم ، وقد يقربه عدم الفصل ب «هم» «بين الخاسرين الذين» فالمعنى أن الخاسرين الذين خسروا .. ألا ان الظالمين (وهم هؤلاء الخاسرون) (فِي عَذابٍ مُقِيمٍ ..) والمعنيان علهما معنيّان حيث تتحملهما الآية.
(اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ (٤٧) فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ)(٤٨).
الاستجابة للرب تمتد في الحياة الدنيا ما دامت قائمة (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ) مهما كان له مرد من نفسه حسب حسبانه ، وهو يوم البرزخ ومن ثم القيامة ، وهل يستجاب للرب قبل القيامة يوم البرزخ؟ (كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها) وإنما هي قبل البرزخ ، وهل يستجاب له قبل الموت فينفع الإيمان حتى عند رؤية البأس؟ كلا فيما لا مرد له من الله ، حيث الإيمان قشري خوف البأس ، (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ