وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ. فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ) (٤٠ : ٨٥) ونعم إذا كان حق الاستجابة والإيمان حيث له مرد من الله : (فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنا عَنْهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ) (١٠ : ٩٨) فالمردّ المنفي أيام ثلاثة ، يوم البأس زمن التكليف فلا مردّ من استحقاق العقوبة إلى سواها ، ثم اليومان الآخران.
فواجب الاستجابة هو كونها في حياة التكليف ، حقا حالة الإختيار ، لا جزافا في نفاق أم خاويا عند رؤية البأس ، فما للمستجيب مرد من الله قبل الموت وبحقها فالإجابة حاصلة والإيمان ينفع ، وإذ (لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ) فلا مرد له ممن سواه : (ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ) تلجؤون إليه من دون الله (وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ) : منكم تنكرون عذابه أو تنكرون أسبابه ، حيث الأسباب بارزة يومئذ والعذاب لا محالة كائن ، ولا (مِنْ نَكِيرٍ) من سواكم ، ينكر عذابكم فإنه (يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ) (١١ : ١٠٥).
(فَإِنْ أَعْرَضُوا) عن الاستجابة فلم يحفظوا أنفسهم عن الكفر اختيارا ، (فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) تكرههم على الإيمان إجبارا (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ) إراءة الطريق ، لا الإيصال إلى المطلوب.
وحالة الإنسان الكفور النسيان (إِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها) شكورا أو يظن أنه يحق لها (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) لا أيدينا (فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ) يكفر بالله وينسى رحمة الله ، فهو في الحالتين كفور ، وإن تظاهر حالة النعمة أنه شكور.
(لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ (٤٩) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً