والجزاء ، حين يشعر ظالمك أنك تصبر وتغفر على قدرة فيستحي ، وأما أن تصبر على ظلمه مغلوبا عاجزا فليس إلّا تخاذلا ، إذا فانتصر في دفع الظلم.
لا تخلو حال المظلوم أنه أقوى من ظالمه أو أضعف أو هما على سواء ، ففي الأولى على الأغلب (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) فإنه عفو على قدرة وهو يصلح ، اللهم إلا إذا أفسد ، وفي الثانية (وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ) حيث الصبر على الظلم تخاذل وتقوية للظالم اللهم إلا إذا أصلح ، والثالثة مورد الآيتين حسب إحدى المصلحتين ، وقد يكون الصبر راجحا غير واجب كما يكون محرما أو واجبا حسب مختلف الظروف والمقتضيات.
(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ)(٤٤).
ولا يضل الله إلّا من ضلّ ظالما (وَيُضِلُّ اللهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللهُ ما يَشاءُ) (١٤ : ٢٧) (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ الْكافِرِينَ) (٤٠ : ٧٤) (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ) (٤٠ : ٣٤) فليس الله ليضل من لا يضل فإنه ظلم (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) (٤٠ : ٣١) (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (٤١ : ٤٦).
وليس إضلاله تعالى من ضل دفعا له إلى ضلال بعد ضلال ، وإنما ترك له يستمر في الضلال دون أن يوفقه لترك الضلال حملا له عليه : (وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (٧ : ١٨٦) ثم ختم على قلبه جزاء بما ختم حتى إذا أراد أن يهتدي لم يكن له سبيل» (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ