«أما إن الله ورسوله الغنيان عنها ولكن جعلها الله رحمة لأمتى من استشار منهم لم يعدم رشدا ومن تركها لم يعدم غيا» (١).
ان الرسول يحكم بين الناس بما أراه الله : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) (٤ : ١٠٥) ولا يعني الحكم بينهم ـ فقط ـ أحكام العبادات والعلاقات الشخصية وإن كان يشملها ، ولكن (بَيْنَ النَّاسِ) تلمح او تصرح بالأحكام الجماعية ، سياسية أمّاذا ، إذا فأحكامه بين الناس كلها مما أراه الله ، فهل هو بعد بحاجة إلى ما أراه الناس؟.
كل ما يقوله الرسول أو يفعله وحي يوحى (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) (٥٣ : ٤) وإذا كانت صناعة فلك نوح بأعين الوحي وفيها نجاة الأبدان ، أفليست إذا صناعة الأمة الإسلامية بقيادة حكيمة بأعين الوحي وفيها نجاة الأبدان والأرواح: (فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ
__________________
ـ لم يحضرك له رأي عرفت له من تثق برأيه وترضى به لنفسك دللته عليه وأرشدته اليه فكنت تأله خيرا ولم تدخر نصحا ولا حول ولا قوة الا بالله واما حق المشير عليك فلا تتهمه فيما وافقك عليه من رأيه إذا أشار عليك فانما هي الآراء ويصرف الناس فيها واختلافهم فكن في رأيه بالخيار إذ اتهمت رأيه فاما تهمته فلا تجوز لك إذا كان عندك ممن يستحق المشاورة ولا تدع شكره على ما بدا لك من إشخاص رأيه وحسن رأيه وحسن وجه مشورته فإذا وافقك حمدت الله وقبلت ذلك من أخيك بالشكر والارصاد بالمكافأة في مثلها ان فزع إليك ولا قوة الا بالله ، الوسائل ٨ : ٤٢٦ وعنه (صلى الله عليه وآله وسلم) ما يستغني رجل من مشورة ومن أراد امرا فشاور فيه وقضى هدي لأرشد الأمور وفي النهج باب الحكم الرقم ٣٢١ قال وقد أشار ابن عباس على الامام علي ما لم يوافق رأيه : لك ان تشير علي وأرى فإن عصيتك فأطعني.
(١) كتاب الشورى بين النظرية والتطبيق ص ٣٠.