ومن (الْأَزْواجَ كُلَّها) (مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) مثل ثلاثي عن الأزواج كلها ، كنموذج شامل يمثل لنا الأزواج كلها ، فإن أرض الأزواج كسمائها ، متماثلة في طولها وعرضها و (مِمَّا لا يَعْلَمُونَ) تعم ما لا نعلمه أو لن نعلمه.
و (مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ) تشمل نباتاتها الجمادية والنباتية والحيوانية وكما الإنسان : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) (٧١ : ١٧) ف «من أنفسهم» تخصيص لذكر الإنسان بعد تعميم فإنه المحور في ذلك التذكير.
ثم (وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ) يشمل من كائنات الأرض وسواها ما نجهله ، وعلمنا وجودها كالروح ، أم لم نعلم ككائنات في الأرض أو في السماء لمّا عرفناها ، ومما سوف نعلمه كما عرفنا الذرة بأجزاء لها بعد قرون من نزول القرآن ، وما لن نعلمه رغم التأكّد من وجوده كالمادة الأولية الأم بتركّبها الثنائي ، حيث العلم بحقيقتها يساوق القدرة على إيجادها وإفنائها ، وهو منحصر في الخالق منحسر عن غير الخالق ، ف «لا يعلمون» تعم كل من له أن يعلم دون خصوص الإنسان.
إذا ففي الكون مثلث (مِمَّا لا يَعْلَمُونَ) ثالثه مما لن نعلمه ، وصاحباه ما لم نعلمه ثم علمناه او علّمناه أم نستكمل معرفتنا إياه.
فالروح من الأزواج (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) فهي مما لا يعلمون ، والمادة الأم من الأزواج وهي مما لن يعلموه ، والذرة من الأزواج وقد علموها شيئا مّا!
(وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ)(٣٧)
أترى الليل لابس لباس النهار حتى يسلخ منه النهار (فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ)؟ وكلّ من الليل والنهار حالة تعرض الأثير بإشراقة الشمس عليه أو إطباقتها