حيث تبيد ، اللهم إلّا من يهدوننا الى الله زلفى باذنه (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)!
وهكذا تصنع آية من القرآن العظيم من يتعاملون مع الحقيقة التي يمثلها ، دون إخلاد الى جمال الألفاظ ـ فقط ـ ام كمال المعاني فحسب ، طالما يتذرعون هذه وتلك الى تمثيل القرآن في واقع الحياة بكل جمال وكمال!
وهذه الآية ـ ومعها سائر القرآن ـ هي بنفسها تكفي رحمة لا تبقي على رحمة حيث تسكب في القلب رحيقها بحقيقتها المجردة ، فها هي نموذج من رحمة الله لا ممسك لها ، الّا عمن اتخذوا هذا القرآن مهجورا ، إذا فهو فيهم وليس فيهم ، يموتون عطاشا وهم يعيشون شاطئ بحره ، وخضم قعره ، و «رب تال للقرآن والقرآن يلعنه»! (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
ويا ليتنا نذكر نعمة الله المتواصلة ، ورحمته المتآصلة غير المتعاضلة دون غفوة عنها ولا غفلة بوضمة عين ونبضة قلب :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (٣).
«الناس» هنا كل الناس من ناس ونسناس حسب مختلف الدرجات والدركات «اذكروا» لا بلفظة لسان ، بل بالأعمال والجنان (نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ) ومنها انه منحنا بخطابه الكريم ، وقرآنه العظيم ، وفطرنا على توحيده ، ورزقنا من آيات آفاقية وانفسية رخيّة ندية ، نتذكر بها نعمة الله : (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ)؟ فان معرفة الخالق بالوحدانية أعظم نعمات الله ورحماته!
ف «هل» سؤال من قرارات النفوس : عن فطرة ساذجة وعقلية