فامّا ان تخرجوا من بلدنا وإمّا أن تأذنوا بحرب فقالوا نخرج من بلادك فبعث إليهم عبد الله ابن أبيّ الّا تخرجوا وتقيموا وتنابذوا محمّد الحرب فانّى أنصركم انا وقومي وحلفائى فان خرجتم خرجت معكم وان قاتلتم قاتلت معكم فأقاموا فأصلحوا حصُونهم وتهيّؤا للقتال وبعثوا إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله انا لا نخرج فاصنع ما أنت صانع فقام رسول الله صلّى الله عليه وآله وكبّر أصحابه وقال لأمير المؤمنين عليه السّلام تقدّم الى بنى النّضير فأخذ أمير المؤمنين عليه السّلام الراية وتقدّم وجاء رسول الله صلّى الله عليه وآله وأحاط بحصنهم وغدر بهم عَبد الله بن أبيّ وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله إذا ظهر بمقدّم بيوتهم حصّنوا ما يليهم وخرّبوا ما يليه وكان الرّجل منهم ممن كان بيت حسن حزبه وقد كان امر رسول الله صلّى الله عليه وآله امر بقطع نخلهم فجزعوا من ذلك وقالوا يا محمّد انّ الله يأمرك بالفساد ان كان لك هَذا فخذوه وإن كان لنا فلا تقطعه فلمّا كان بعد ذلك قالوا يا محمّد نخرج من بلادك فأعطنا ما لنا فقال لا ولكن تخرجون ولكم ما حملت الإِبل فلم يقبلوا ذلك فبقوا أيّاماً ثمّ قالوا نخرج ولنا ما حملت الإِبل فقال لا يحمل أحد منكم شيئاً فمن وجَدنا معه شيء من ذلك قتلناه فخرجوا على ذلك ووقع قوم منهم الى فدك ووادي القرى وخرج قوم منهم إلى الشام فانزل الله فيه هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا الآيات ما ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا لشدّة بأسهم ومنعتهم وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ انّ حصونهم تمنعهم من باس الله فَأَتاهُمُ اللهُ أي عذابه وهو الرّعب والاضطرار الى الجلاء.
في التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السّلام : يعني أرسل عليهم عذاباً مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا لقّوة وثوقهم وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ واثبت فيها الخوف الّذى يرعبها اي يملأها يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ ضنّا بها على المسلمين وإخراجا لما استحسنوا من آلاتها وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ وانهم أيضاً كانوا يخربون ظواهرها نكاية وتوسيعا لمجال القتال وعطفها على أيديهم من حيث انّ تخريب المؤمنين مسبّب عن بغضهم فكأنهم استعلموهم فيه وقرء يخرّبون بالتّشديد وهو ابلغ فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ فاتّعظوا بحالهم فلا تغدروا ولا تعتمدوا على غير الله.
(٣) وَلَوْ لا أَنْ كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ الخروج من أوطانهم لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيا بالقتل