ليس أمد بقاء الإنسان بتعميره إلّا بلاء حسنا بتعميره ام سيئا بتدميره : (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) (١٨ : ٧).
وليس قصر المدة ام مدّها إلّا كما قدر لكل نفس في صالحاتها وطالحاتها (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ) (فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ) (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) (١٠ : ١١):
(يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً (٨٥) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً (٨٦) لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً)(٨٧) :
إن بين الحشر الوفد والسوق الورد بونا شاسعا كما بين المتقين والمجرمين ، فالوفد هم القوم الركب الوافدون لزيارة او استنجاز حاجة وقد «يحشرون على النجائب» (١) والورد هم العطاش المتحرون عن تروية لهم
__________________
(١) في محاسن البرقي باسناده عن حماد بن عثمان وغيره عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الآية قال : يحشرون على النجائب.
وفي تفسير القمي باسناده عن عبد الله بن شريك العامري عنه (عليه السلام) قال : سأل علي (عليه السلام) رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) عن تفسير هذه الآية قال (صلّى الله عليه وآله وسلم) : يا علي! الوفد لا يكون إلا ركبانا أولئك رجال اتقوا الله عز وجل فأحبهم واختصهم ورضي اعمالهم فسماهم الله المتقين ..
وروى في حديث آخر تفصيل خروجهم من قبورهم وركوبهم من نوق الجنة ووفودهم الى الجنة ودخولهم فيها وتنعمهم بما رزقوا من نعمها.
وفي الدر المنثور عن ابن مردويه عن علي (عليه السلام) عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) في الآية قال (صلّى الله عليه وآله وسلم): اما والله ما يحشرون على اقدامهم ولا يساقون سوقا ولكنهم يؤتون بنوق من الجنة لم تنظر الخلائق الى مثلها رحالها الذهب وارمتها الزبرجد فيقعدون عليها حتى يقرعوا باب الجنة.