(فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا (٢٧) يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨) فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا)(٢٩).
(فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَها) ـ ان مكانها القصي لم يكن بذلك البعيد كالكوفة (فَأَتَتْ .. تَحْمِلُهُ) دون ان تتركه مخافة العار حيث اطمأنت أنه عطية ربانية فهو ذائد عنها ما يمس كرامتها (قالُوا يا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا) : موضعا لفرية بالغة المدى ام عظيما بديعا ف «لقد» تأكيد ان و «فريا» كمبالغة الفرية تشكل عليها ثالوث الفرية ومن ثم التأنيب كأنها ثابتة لا حول عنها : (يا أُخْتَ هارُونَ ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ ...)!
وهنالك مندوحة للعذراء الوالدة ـ مع الغض عن احتمال معجزة الهية ـ : علها اجتذبت نطفة الرجولة دون لقاح ان جلست مكانا فيه النطفة ، وحالة المؤمن وفعله محمولة على الصحة ، أفلم يلمس قومها ايمانها وهي عائشة المحراب ، صالحة الذهاب والإياب ، فالحة في حراب الشهوات؟!.
ثم ولماذا (يا أُخْتَ هارُونَ) وهو أخو موسى وبينهما قرون خلت؟ كما اعترضته الجمعية الرسولية الامريكان (٣ : ٣١) : «خلط هارون أخا موسى باخي مريم!» وكأنهم يخصون اسم هارون باخي موسى ثم لا يحق لمن بعده ان يتسمى بهارون! «ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمعون بالأنبياء والصالحين قبلهم» (١)؟!.
__________________
ـ للرحمن صوما ـ أي صوما صمتا ـ صمتا ـ فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم وغضوا ابصاركم ولا تنازعوا ولا تحاسدوا.
(١) الدر المنثور ٤ : ٢٧٠ ـ اخرج ابن أبي شيبة واحمد وعبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن المغيرة بن شعبة قال بعثني رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) الى اهل ـ