(وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) طلبا لتحصيل الحاصل ، أو أن الله يورث النبوة لغير المرضي فيدعوه زكريا (وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا)!.
فلقد كانت دعائه ذات بعدين (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي ..) (وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) وكما في آل عمران : (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ..) (٣٨) كتصريحه ثانية ، ثم وتلميحة في الأنبياء (رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ) (٨٩).
فلا يطلب ويستوهب وليا غير رضي ، ولا رضيا غير ولي ، وانما يطلب وليا رضيا يرثه وهو الولد من صلبه فميراث النبوة ـ على مجازها ـ لا يختص بذرية وارثة ، كما وهذا الإرث لا يقتضي كون الوارث رضيا. فقد يدعو زكريا ربه أن يهبه ولدا هو مجمع الوارثين ، ولو اختصت بوارثة النبوة أصبحت مجازا لا محسن له ولا دليل ، وسقطت «واجعله رضيا» عن الفائدة. فليعن ب (وَلِيًّا يَرِثُنِي) ميراث المال والأعم بقرينة (وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ) وب (وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) النبوة المجعولة في وارث المال ، وعلى أية حال فارث المال أصل قاطع في «يرثني» ولكي ينضبط (وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا)!.
فهنا الحديث المختلق على الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلم) هضما لفدك البتولة الزهراء (عليها السلام) ، مصلحية الحفاظ على الخلافة البتراء «نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة» يردّ الى قائله لمخالفته نصا من كتاب الله (يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ..) وحيث لا تختص بإرث النبوة ، بل لا تورث النبوة حتى تشملها (١) ، وإنما هي المستفادة من(وَاجْعَلْهُ
__________________
(١). فالوراثة في وجه عام تختص بالمال حيث ينتقل بحكم الله الى الورثة ، فاما العلم والتقى ، والرسالة واضرابها من الخصائل المعنوية فلا تورث كما المال ، اللهم إلا مجازا ، ان الله يجعل النبوة في ولد النبي فيعبر عنه بالورثة لمشابهتها وراثة المال رغم الفوارق ـ