(ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً) وتنكير «سببا» يدلنا انه غير السبب الاوّل شخصا ، مهما كان من جنسه إمّا ذا؟ فلا يهمنا شخص السبب ولا جنسه ونوعه ، وإنما «سببا» إليها لم يحصل إلا بما آتاه الله.
اتبعه لحوقا سريعا (حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ) مطلعها من أقصى الآفاق الشرقية في عين الرائي ، وكما في مغربها لاقصاه ، في يابسة المعمورة بجانب البحر المحيط ، فما قيل عن مغرب الشمس يقال عن مطلعها دون اختلاف بينهما إلا فارق المغرب عن المشرق وعين حمئة.
(.. وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً) لا سترا خلقيا من مرتفعات غابات وجبال وأشجار واتلال ، ولا سترا مصطنعا من بيوت (١) او خيام إمّا ذا فتنكير «سترا» يستغرق نفي الستر أيا كان وحتى الملابس (٢) فانها ستر عن الحر والقرّ! ومهما كان جعله إلهيا دون وسيط من سكان الشرق الأقصى حينذاك ، كالأوّل ، ام بوسيط كالثاني ، فهما على أية حال راجعان إلى الله!
إذا فهم قوم بدائيون ومن أبداهم ، كانوا يسكنون في أرض مستوية
__________________
(١) نور الثقلين ٣ : ٣٠٧ ج ٢٢٢ في تفسير العياشي عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام) في قول الله عز وجل (لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً كَذلِكَ ..) قال : لم يعلموا صنعة البيوت
وفي الدر المنثور ٤ : ٢٤٩ ـ اخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابو الشيخ في العظمة عن ابن جريح في قوله : (حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ) الآية قال : حدثت عن الحسن عن سمرة بن جندب قال قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) (لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً) انها لم يبن فيها بناء قط كانوا إذا طلعت الشمس دخلوا أسرابا لهم حتى نزول الشمس أقول : وقد لا يلائم هذا الحديث استغراق النفي في «سترا» حيث الأسراب ستر كما البيوت.
(٢) المصدر في تفسير القمي في الآية قال «لم يعلموا صنعة الثياب» أقول : تشمل الخيام.