تأتي الارادة (أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً ..).
يا موسى لست أنا الوحيد في هذا الميدان ، فأنت معي وكل مؤمن بالله أن نخشى ما أخشاه ونريد ما أريده بعد العلم بموقف الغلام وأبويه المؤمنين ، وأما إرادة الإعابة فيكفيها واحد ثم لا يريد سائر من يعرف الواقع إلّا الحفاظ على سفينة المساكين باية طريقة ممكنة ، دون ضرورة ايمانية في ارادة جماهيرية للإعابة!
وترى إن خشية الإرهاق طغيانا وكفرا وهي دون العلم كيف تبرر القتل ولا علم ولا إرهاق حينذاك؟
هنالك المبرر لقتل الغلام يكفي كونه مرتدا فطريا وفي حالة الإفساد ولمّا يرهق أبويه ، ثم الخشية لا تنافي العلم الحاضر الظاهر ، حيث الواقع قد يتخلف عما تعلم ، فالصيغة الأدبية عن العلم الظاهر فيما لا يجوز هي الخشية ، خوفا ان يستقبل خلاف ما يعلمه حاضرا ، فلم يكن ـ إذا ـ قتل الغلام قصاصا قبل الجناية ، حيث الارتداد الفطري هو جنايته الحاضرة ، اضافة الى خشية الإرهاق حيث تلمح الى حاضر السعي في الإفساد ، ولكي يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة واقرب رحما.
أترى ان الغلام كان خيرا وقريب الرحم حتى يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما؟ كلّا فلا خير في هذا الكافر ولا رحم لأبويه ، وإنما الافضلية في «خيرا واقرب» مجاراة ظاهرة في خير الغلام ورحمه.
وهل إن (طُغْياناً وَكُفْراً) مفعولان ل «يرهقهما» ان يغشيهما بقهر طغيانا وكفرا ، ليطغيا ويكفرا؟ ام حالان ل «يرهقها» ارهاقا لهما حالة الكفر والطغيان؟
قد يعنيهما المنصوبان حالين حال كونهما مفعولين حيث يتحملهما أدب اللفظ وجمال المعنى ، فالمرهق حالة الطغيان والكفر يرهق الى حالة الطغيان