العامل الى الفناء!
اللهم الا استطارة الى الآفاق من ارضها واعماق فضائها ، حيث الأمواج الصوتية والصورية طائرة عن الإنسان الى الافاق وهي على ما هي عليه ملزمة في عنقه ، نسختان عينيتان من مربع الأعمال يستنسخها الله في الآفاق وفي الأنفس ، وسيريهما الله يوم يقوم الاشهاد : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (٤١ : ٥٣) فمن هذه الآيات الآيات العينية من الأعمال المسجلة في الأنفس والآفاق وشره علّه هو الشر المستطير : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) (٧٦ : ٧) فان شر الآخرة المستقبل هو استمرار لشر الدنيا المستطير الماضي ، فشر الآخرة ثابت حيث ينتج عن شر الأولى المستطير. وحقيقة الاستطارة من صفات ذوات الأجنحة : البعثة على الطيران ، فشر الدنيا منبعث من قبل الله للطيران الى مسجلات الكون آفاقية وانفسية ، تيارات الشر وطياراته يوم الدنيا وإلى اعماق البرزخ والقيامة.
فالقرآن يصدق من صيغة الطائر هذه السائغة التي صاغها الله ، ويكذب ذلك الثالوث الخاطئ من استطارة الأعمال : من الله تقدير التسيير الى العمال ، (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) او منه إطارة منك الى سواك ، او منه إليك بنفسه او انتاجه ، او من الإنسان ككل الى الفناء ، كلا ثم كلا إلا إلزاما للعمل وعهدته في عنقه (١) ثم اطارة الى كتاب الآفاق ،
فآية الطائر تصريحة بما بعدها أن الأعمال ملزمة في ذوات العمال وعهدتهم : «في عنقه» ايحاء ثنائيا يكسح خرافات الأوهام ، ثانيهما أن كل
__________________
(١) فان قال : في ذاته ـ لم يدل على عهدته ـ وان قال : في عهدته لم يدل على تسجيله في ذاته بصوريته.