نصيبا من خير او شر يطير اليه من غيره ، ربه او خلقه ، او وأخيرا ، إذا كان عمل كل إنسان له خيرا وعليه شرا ، فعمله أيا كان يطير عنه الى الفناء فلا حجة تبقى عليه حتى تلزمه وتلجمه يوم القيامة.
والقرآن يطارد في طيات آيات هذه الغلطة الماردة ويلزم عمل كل انسان في عنقه كما هنا (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى).
يحصر الطائر مبدئيا بما مع الإنسان : (قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) (١٨) : تفألنا بكم شرا يطير منكم إلينا فأنتم شؤمنا وبؤسنا! (قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ) (٣٦ : ١٩).
ومن ثم يحصره جزاء بما عند الله : (قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ) (٢٧ : ٤٧) (فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٧ : ١٣١) ثم لا حالة ثالثة للطائر رغم ما يزعم!
فالعمل أيا كان ومن اي انسان إنما طائره معه وعند الله ، لا يجاوزه الى من سواه ولا اليه من سواه ولا انه مقدر مسير عليه ، ولا انه يطير عنه الى الفناء دون ان يبقى حجة له او عليه ، فانما طائره في عنقه ثم عند الله.
إذا فتسميته العمل طائرا ليست الا مسايرة التعبير عن العمل (١) بما يطير الى غير العامل ، او استطارة من تقدير مسيّر من الله! او استطارة عن
__________________
(١) وكان العرب يتيمنون بطيران الطائر الى اليمين ويتشأمون بطيرانه الى اليسار ، ولذلك جعل الطائر اسما لمطلق ما يتمنى به ويتشأم ثم استعمل في مطلق سبب الخير والشر من الأعمال والأقوال والعقائد.