وفي الرحمن (وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ) (٧) وفي النازعات بإفرادها (أَمِ السَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها) (٢٨) وفي الطور (وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) (٤).
ولان رفع الشيء ليس إلّا بعد كونه بانخفاض ، فلتكن السماوات مرفوعة بعد خلقها غير مرفوعه كما فصلتها الآيات في فصّلت وفصلناها على ضوئها وفق ما فصلّت.
فالسماوات المرفوعة بأجرامها الضخمة الثقيلة ـ فإنها (سَبْعٌ شِدادٌ) ـ إنها تدلنا على رافع رفعها ، ثم بقاءها مرفوعة محفوظة عن التساقط دليل على داعم يدعمها ، ولان الرافع الداعم لا يرى فلنؤمن بمن لا يرى بما يرى ، فان ما يرى دليل على ما لا يرى.
وعلّ الجمع في (عَمَدٍ تَرَوْنَها) يوحي بعمد لا ترى ، فليست هي القوة الجاذبية فحسب إذ ليست جمعا ، وليست ـ كذلك ـ الله ، إذ لا اله إلّا الله ، إذا فهي كل ما لا يرى ممن يدعمها كما رفعها بعد ما خلقها وهو الله تعالى ، ومما يدعمها مرتفعة كالجاذبية العامة ، فالله تعالى هو العماد الأصيل في كل كثير وقليل ، ثم الجاذبية أماهيه من المدبرات امرا من قبل الله ، حيث أبى الله ان يجري الأمور إلّا بأسبابها ، وهو السبب الاوّل ، وهو مع كل الأسباب ومسبب للأسباب ، فهو العماد الاوّل المسنود إليه إمساكها في آية الحج : (وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ)(٦٥).
فقصارى ما يرفعه الناس في هذه الكرة الصغيرة الهزيلة ، لا تتعدى بناية او برجا ام وطائره ، وكل ذلك بحاجة إلى دعامة بحسبها ، فكيف بالإمكان ان تحفظ هذه السماوات المبنية العظيمة بهذه الأجرام الهائلة ، تحفظ مرفوعة بلا عمد ولا دسار ينظمها ، فإذ لا ترى عمدها فلتكن هناك عمد ولكن لا ترونها!
ولماذا يبتدء في ذلك العرض العريض بالسماوات البعيدة عنا دون