الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ) (٢٨ :) ٦).
وذلك التمكين لهم هو السلطة الصالحة لأنبياء إسرائيليين ، كموسى وداود وسليمان ومن تبعهم بإحسان ، ويوسف هذا يقدمهم فيه : (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ) وهو يسبق هؤلاء كلهم في ذلك التمكين المكين الأمين.
(وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ ..) وليس فقط تبوّء الدار المكان ، بل وتبوء الإيمان ورفع أعلامه ، فإن تبوّء الدار حاصل لمن يشتريها أيّا كان ، فذلك ـ إذا ـ تبوّء وتمكن رسالة الإيمان على ضوء النبوة السلطة الزمنية ، بإمكانية واسعة ومكانة شاسعة دونما تحدد أو تهدد (١).
(نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ) لو أنه يشاء ويعمل له فيصلح لإصابة الرحمة ، وهو من المحسنين (وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) لا في الدنيا ولا في الآخرة (وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ) لأنها هي دار الأجر والجزاء ، وهنا دار التكليف والبلاء (لِلَّذِينَ آمَنُوا) لا فحسب الإيمان كعقيدة مخبوءة في الجنان بل (وَكانُوا يَتَّقُونَ) على طول الخط في معارك الحياة ، يتقون المحاظير فردية وجماعية ، وليرفرفوا أعلام التقى ، ويخفضوا منارات الطغى ، ومن «رحمتنا» هنا هي
__________________
(١) في الإصحاح ٤١ من تكوين التورات تباعا لما سلف ما يلخص كالتالي : «ان فرعون استحسن كلام يوسف وتعبيره وأكرمه وأعطاه امارة المملكة في جميع شؤنها وخلع عليه بخاتمه والبسه ثياب بوص ووضع طوق ذهب في عنقه واركبه في مركبه الخاصة ونودي امامه ان اركعوا وأخذ يوسف يدير الأمور في سني الخصب ثم في سني الجدب احسن ادارة.