الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ) (٣ : ٢٠٦) و (آوى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ) تركل وترجل ذلك الترجل المدسوس الذي يمس من كرامة النبوة!
ففي ذلك الإيواء كل مراحل التكريم والتعظيم ، ومن ثم (رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ) تكملة له وتتميم! فكيف (أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ)؟! ولم تزدده عزة الملك إلا تواضعا وتواطئا.
ولئن دخله عز الملك ـ لا سمح الله ـ فلم ينزل إليه ولم يترجل فهل يستحق بذلك انقطاع النبوة عن نسله؟ (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) لو كان هناك وزر! وهل كان وزره المفترى أوزر من وزر لاوي أخيه الأكبر وقد شاركهم في استلابه عن أبيه ، وأفجعه طيلة سنين حتى ابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم واحدودب ظهره فهو هضيم؟ حيث يجعل الله النبوة في نسله شكرا لما نهاهم عن قتله ، ولأنه لم يبرح الأرض حتى يأذن له أبوه! ولئن كان مشكور ـ وهو مشكور ـ كان ذلك على هامش الحفاظ على حياة يوسف ، واحترام أبيه بعد اخترامه ، فكيف ـ إذا ـ يشكر هو دون يوسف ، فتقطع النبوة من نسله وتوضع في نسل اللاوي وكيف يفترى على الصديق انه ترك الإحسان إلى أبويه أو أهانهما ، تركا لأعم الواجبات وأهمها أمام الوالدين!
ثم انتسال النبوة من صلب دون صلب لا يفضّل الأول تنديدا بالآخر ، فهل كان في انتسال الإمامة من صلب الحسين (عليه السلام) تفضيلا له على أخيه الحسن ، وتنديدا بالحسن «والحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا».
وبعد ذلك كله كيف تنتزع النبوة المقدرة في نسل عنه وهو تخطئة في التكوين والتشريع معا ، فهلا علم الله ذلك من يوسف فقدّر النبوة في