البغضة (١) وسأل جبرئيل أن يسأل ربّه العصمة من النّاس وانتظر أن يأتيه جبرئيل بالعصمة من النّاس من الله جلّ اسمه فأخّر ذلك الى أن بلغ مسجد الخَيْف (٢) فأتاه جبرئيل في مسجد الخَيْف فأمره أن يعهد عهده ويقيم عليّاً صلوات الله عليه للنّاس ولم يأته بالعصمة من الله جلّ جلاله الذي أراد حتّى أتى كُراعَ الغميم بين مكّة والمدينة فأتاه جبرئيل عليه السلام وأمره بالذي أتاه به من قبل الله ولم يأته بالعصمة من الله جلّ جلاله الذي أراد فقال يا جبرئيل إنّي أخشى قومي أن يكذّبوني ولا يقبلوا قولي في عليّ عليه السلام فرَحَل فلما بلغ غدير خمّ قبل الجحفة بثلاثة أميال أتاه جبرئيل على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر والانتهار (٣) والعصمة من الناس فقال يا محمّد إنَّ الله تعالى يقرءوك السّلام ويقول لك يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ في عليّ صلوات الله وسلامه عليه وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ وكان أوايلهم قربت من الجحفة (٤) فأمره بأن يُرَّدَ من تقدم منهم ويحبس من تأخّر عنهم في ذلك المكان ليقيم عليّاً عليه السلام للنّاس ويبلّغهم ما أَنزل الله تعالى في عليّ عليه السلام وأخبره بأنّ الله عزّ وجلّ قد عصمه من النّاس.
فأمر رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم عند ما جاءته العصمة منادياً ينادي في النّاس بالصّلوة جامعةً ويردّ من تقدم منهم ويحبس من تأخّر فتنحّى عن يمينَ الطّريق الى جنب مسجد الغدير وأمره بذلك جبرئيل عن الله عزّ وجلّ وفي الموضع سلمات (٥) فأمر رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم أن يقم (٦) ما تحتهنّ وينصب له أحجار كهيئة المنبر
__________________
(١) البغض بالضمّ ضد الحبّ والبغضة بالكسر والبغضاء شدّته.
(٢) الخيف ما انحدر من غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء ومنه سمّى مسجد الخيف بمنى لأنّه بني في خيف الجبل والأصل مسجد خيف منى فخفّف بالحذف.
(٣) نهره وانتهره أي زبره وزجره.
(٤) الجحفة بضم الجيم هي مكان بين مكّة والمدينة محاذية لذي الحليفة من الجانب الشّامي قريب من رابغ بين بدر وخليص.
(٥) السّلمة كفرحة الحجارة ج ككتاب.
(٦) قمّ البيت قمّاً من باب قتل كنسه قوله تعالى وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً أى لم نبق منهم أحداً ومنه سمّى الغدير لأنّه ماء يغادره السّيول أي تخلّفه فعيل بمعنى مفعول أو فعيل بمعنى فاعل لأنّه يغدر بأهله أي ينقطع عند شدّة الحاجة اليه ومنع الدّعاء اللهم من نعمك وهي أجلّ من أن تغادر أي تنقطع وغدير خم موضع بالجُحفة شديد الوباء قال الأصمعي لم يولد بغدير خم أحد فعاش الى أن يحتلم الّا أن ينجو منه ويوم الغدير هو يوم الثّامن عشر من ذي الحجّة وهو اليوم الذي نصب رسول الله (ص) عليّاً (ع) خليفة بحضرة الجمع الكثير من النّاس حيث قال : من كنت مولاه فعليّ مولاه قال الغزالي