والفضل وانّما سمِّي بَقِيَّةٍ لأنّ الرجل يستبقي لنفسه أفضل ما يخرجه ومنه يقال فلان من بقيّة القوم أي من خيارهم وقولهم في الزَّوايا خنايا وفي الرجال بقايا يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ لكن قليلاً منهم أنجيناهم لأنّهم نهوا عن الفساد وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ ما أنعموا فيه من الشّهوات أراد ب الَّذِينَ ظَلَمُوا تاركي النّهي عن المنكرات أي اتّبعُوا ما عوّدوا من التنعّم وطلب أسباب العيش الهَنيء ورفضوا ما وراء ذلك وَكانُوا مُجْرِمِينَ كأنّه أراد بيان سَبَب اسْتيصال الأمَمِ السالفة وهو فشوّ الظلم فيهِم واتباعهم للهوى وتركهم النّهي عن المنكرات.
(١١٧) وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ منه لهم أو منهم لأنفسهم كشرك ومعصية وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ فيما بينهم في المجمع عن النّبيّ صلَّى الله عليه وآله وسلم : وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ ينصف بعضهم من بعض.
أقُولُ : وذلك لفرط رحمته ومسامحته في حقوق نفسه دون حقوق عباده ولذا قيل الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم.
(١١٨) وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً مسلمين كلّهم ، القمّيّ أي على مذهب واحِد وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ بعضهم اختار الحق وبعضهم اختار الباطل لا تكاد تجد اثنين يتفقان مطلقاً.
(١١٩) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ الا أناساً هداهم الله ولطف بهم فاتفقوا على دين الحق وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ قيل ان كان ضميرهم للناس فالإِشارة الى الإِختلاف واللام للعاقبة أو إِلى الإِختلاف وَالرحمة جميعاً وإن كان الضمير لمن فالإِشارة الى الرحمة.
في الكافي والعيّاشيّ والعلل عن الصادق عليه السلام : كانُوا أُمَّةً واحِدَةً فبعث الله النّبيّين ليتخذ عليهم الحجَة وفي التوحيد عنه عليه السلام : خَلَقَهُمْ فليفعلوا ما يستوجبون به رحمته فيرحمهم.
وفي الكافي عنه عليه السلام في هذه الآية : الناس يختلفون في اصابة القول.
وكلّهم هالك إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وهم شيعتنا ولرحمته خَلَقَهُمْ وهو قوله فلِذلِكَ