والأخبار ممّا روته العامّة والخاصّة في أنّ هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام كثيرة جدّاً ونقل في المجمع عن جمهور المفسّرين أنّها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام حين تصدق بخاتمه في ركوعه وذكر قصته عن ابن عبّاس وغيره ويمكن التوفيق بين ما رواه في الكافي أنّ المصدّق به كان حلة وبين ما رواه غيره واشتهر بين الخاصّة والعامّة أنه كان خاتماً بأنّه لعلّه تصدّق في ركوعه مرّة بالحلّة واخرى بالخاتم والآية نزلت بعد الثانية وفي قوله تعالى وَيُؤْتُونَ اشعار بذلك لتضمنه التكرار والتجدّد كما أنّ فيه اشعار بفعل أولاده أيضاً.
(٥٦) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ فانّ هُمُ الْغالِبُونَ وضع الظاهر موضع المضمر تنبيهاً على البرهان عليه وكأنّه قيل فانّهم حزب الله وفَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ (١) وتنويهاً بذكرهم وتعظيماً لشأنهم وتشريفاً لهم بهذا الاسم وتعريضاً بمن يوالي غير هؤلاءِ بأنّه حزب الشيطان وأصل الحزب القوم يجتمعون لأمر حزبهم ، في المجالس عن الباقر عليه السلام : في قوله إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ الآية قال إنّ رهطاً من اليهود أسلموا منهم عبد الله بن سلام وأسد وثعلبة وابن أمين وابن صوريا فأتوا النّبي صلىّ الله عليه وآله وسلم فقالوا يا نبيّ الله إنّ موسى أوصى الى يوشع بن نون فمن وصيّك يا رسول الله ومن وليّنا بعدك فنزلت هذه الآية إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ الآية قال رسول الله صلىّ الله عليه وآله وسلم قوموا فقاموا فأتوا المسجد فإذا سائل خارج فقال يا سائل ما أعطاك أحد شيئاً قال نعم هذا الخاتم قال من أعطاكه قال أعطانيه ذلك الرّجل الّذي يصليّ قال قال على أي حال أعطاك قال كان راكعاً فكبّر النّبي صلىّ الله عليه وآله وكبّر أهل المسجد فقال النبيّ صلىّ الله عليه وآله وسلم عليّ بن أبي طالب عليه السلام وليّكم بعدي قالوا رضينا بالله ربّاً وبالإِسلام ديناً وبمحمّد صلىّ الله عليه واله وسلم نبيّاً وبعليّ بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه وليّاً فأنزل الله وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ.
__________________
(١) يقال نوّهت باسمه بالتّشديد إذا رفعت ذكره ونوّهته تنويهاً إذا رفعته وناه الشيء ينوه إذا ارتفع فهو نأيه قاله الجزري.