(٣١) فَبَعَثَ اللهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ (١) قالَ يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (٢) على قتله.
القمّيّ عن السجّاد بعد ذكر قربانيهما قال : فلم يدر كيف يقتله حتّى جاء إبليس فعلمه فقال ضع رأسه بين حجرين ثمّ أشدخه فلما قتله لم يدر ما يصنع به فجاء غرابان فاقتتلا حتّى قتل أحدهما صاحبه ثمّ حفر الأرض الذي بقي بمخالبه ودفن فيه صاحبه قال قابيل يا وَيْلَتى الآية فحفر له حفيرة فدفنه فيها فصارت سنة يدفنون الموتى فرجع قابيل الى أبيه فلم ير معه هابيل فقال له آدم أين تركت ابني قال له قابيل ارسلتني عليه راعياً فقال آدم انطلق معي الى مكان القربان وأوجس (٣) قلب آدم بالذي فعل قابيل فلما بلغ مكان القربان استبان قتله فلعن آدم الأرض التي قبلت دم هابيل وأمر آدم أن يلعن قابيل ونودي قابيل من السماءِ لعنت كما قتلت أخاك ولذلك لا يشرب الأرض الدم فانصرف آدم فبكى على هابيل أربعين يوماً وليلة فلما جزع عليه شكى ذلك الى الله فأوحى إليه أنَّى واهب لك ذكراً يكون خلفاً من هابيل فولدت حوَّاء غلاماً مباركاً فلمّا كان اليوم السابع أوحى الله إليه يا آدم إنّ هذا الغلام هبة مني لك فسمّه هبة الله فسماه هبة الله.
وفي المجمع روت العامّة عن الصادق عليه السلام : قتل قابيل هابيل وتركه بالعراءِ (٤) لا يدري ما يصنع به فقصد السباع فحمله في جراب (٥) على ظهره حتّى أروح (٦) وعكفت (٧) عليه الطير والسباع تنتظر متى يرمي به فتأكله فبعث الله غرابين فاقتتلا
__________________
(١) سَوْأَةَ أَخِيهِ أي عورته وما لا يجوز أن ينكشف من جسده وقيل أي جيفته والسّوء الخالة القبيحة ويا وَيْلَتى كلمة عذاب يقال ويل له وويله ومعناه الدعاء بالإِهلاك.
(٢) قوله فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ على قتله ولكن لم يندم على الوجه الّذي يكون توبة كمن يندم على الشّرب لأنّه يصدعه فلذلك ندمه عن الجبّائي وقيل مِنَ النَّادِمِينَ على حمله لا على قتله وقيل مِنَ النَّادِمِينَ على موت أخيه لا على إنكار الذّنب.
(٣) الوجس كالوعد الفزع يقع في القلب أو السّمع من صوت أو غيره كالوَجَسان والصّوت الخفي وقوله تعالى فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ أي أحسّ وأضمَرَ.
(٤) العراء بالمد فضاء لا يتوارى فيه شجر أو غيره ويقال العراء وجه الأرض.
(٥) الجراب بالكسر وعاب من أهاب شاة يوعى فيه الحبّ والدّقيق ونحوهما.
(٦) أَرْوَحَ أي أنتن ريحه.
(٧) عكفت عليه الطير أي اجتمعت.