وآله وسلم وأصحابه قال لا قال واللّات والعزّى لئن كتمتنا أمر محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم لا يزال قريش لك معادية آخر الدّهر فانّه ليس أحد من قريش إلّا وله في هذا العير نَشّ فصاعداً فلا تكتمني.
فقال : والله ما لي علم بمحمّد وأصحابه بالتخبار الّا أنّي رأيت في هذا اليوم راكبين أقبلا فاستعذبا من الماءِ وأناخا راحلتيهما ورَجَعا فلا أدري من هما فجاء أبو سفيان إلى موضع مناخ إبلهما ففتّ أبعار الإِبل بيده فوجد فيها النّوى فقال : هذه علائف يثرب هؤلاءِ والله عيون محمّد فرجع مسرعاً وأمر بالعير فأخذ بها نحو ساحل البحر وتركوا الطريق ومرّوا مسرعين.
ونزل جبرئيل على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم فأخبره أنّ العير قد أفلتت وأنّ قريشاً قد أقبلت لتمنع عن عيرها وأمره بالقتال ووعده النّصرة وكان نازلاً ماء الصّفراءِ فأحبّ أن يبلو الأنصار لأنّهم إنّما وعدوه لأن ينصروه وكان في الدّار فأخبرهم أنّ العير قد جازت وأن قريشاً قد أقبلت لتمنع عن عيرها وأنّ الله قد أمرني بمحاربتهم.
فجزع أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم من ذلك وخافوا خوفاً شديداً فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم : أشيروا عليَّ فقام أبو بكر فقال يا رسول الله إنّها قريش وخيلاؤها ما آمنت منذ كفرت ولا ذلّت منذ عزّت ولم نخرج على هيئة الحرب.
فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم : اجلس فجلس فقال : أشيروا عليَّ فقام عمر فقال مثل مقالة أبي بكر فقال اجلس.
ثمّ قام المقداد فقال : يا رسول الله! إنّها قريش وخيلاؤها وقد آمنّا بك وصدَّقناك وشهدنا أنَّ ما جئت به حقّ من عند الله ولو أمرتنا أن نخوض جمر الغضا (١) وشوك الهراس
__________________
(١) الغضا بالقصر شجر ذو شوك وخشبة من أصلب الخشب ولذا لا يكون في فحمه صلابة الهراس كسحاب شجر شائك ثمره كالنّبق.